بعد أكثر من «60» عاماً على قيام منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» هاهي المبادئ الأساسية التي قامت عليها المنظمة تصبح أكثر وضوحاً وملامسة لتوقعات شعوب العالم من المنظمة التي أنشئت بعيد الحرب العالمية الثانية على مبدأ أساسي وهو «أن تسهم في صون السلم والأمن الدوليين بالعمل عن طريق التربية والثقافة والعلوم» أو بمعنى آخر بناء حصون السلام في عقول البشر التي تتولد فيها الحروب. ولكن المبادئ التي قامت عليها المنظمة لم تسلم من التصادم مع أطراف الهيمنة في العالم، حيث انسحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا من عضويتها في العام 1984م نتيجة خلاف حول إدارتها، ولم تعد العضوية الأمريكية فاعلة إلا قبل ثلاثة أعوام فقط «2003م». كما أن جنوب افريقيا «العنصرية» احتجت على مبادئ المنظمة القائمة على عدم التمييز العنصري، وانسحبت من عضوية المنظمة عام 1956م ولمدة 40 عاماً تقريباً لتعود أفريقيا «مانديلا» إلى المنظمة في العام 1994م. اليمن كغيرها من دول العالم المتمتعة بعضوية المنظمة أقامت علاقات وثيقة معها واستفادت من عشرات المشاريع في مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال. وللمرة الأولى تمثل اليمن عبر شخصيات يمنية مرموقة في هذه المنظمة العالمية، حيث أصبح الدكتور/أحمد الصياد، مساعداً لمدير عام المنظمة للعلاقات الخارجية، وهو دليل جوهري على سمة العالمية وعدم التمييز التي تقوم عليها المنظمة. إذاً لم تعد اليونسكو في اليمن مجرد اسم مرتبط بالتربية والثقافة والعلوم؛ بل أصبحت مشاريع نابضة في أرض الواقع، ومن الطبيعي أن يكن لها اليمنيون كثيراً من التقدير والاحترام أما زيارة مديرها العام السيد/كوتشيرو ماتسورا الحالية اليمن، فهي ليست الأولى ولكنها حلقة ارتباط جديدة وعبر مشاريع جديدة ومحورية في عملية حفظ التراث الطبيعي وإرساء قواعد علمية حقيقية في اليمن، ويأتي ذلك من خلال زيارة المدير العام لجزيرة سقطرى ومدينة الهجرين التاريخية على طريق اعتماد المنطقتين في قائمة التراث العالمي لتصبح لهما أولوية الدعم في مشاريع اليونسكو. وتوقيع اتفاقية دعم المرحلة الثانية لتأهيل المعلم تساعد بدرجة كبيرة على تنفيذ استراتيجية التعليم الأساسي فيما يتعلق بتأهيل المعلمين. طبعاً لسنا بصدد الحديث عن مشاريع اليونسكو في اليمن؛ ولكنها مجرد دلائل على علاقة وطيدة بين الطرفين، وتم يوم الأحد وضع حجر الأساس لمتحف العلوم اليمني من قبل مدير عام المنظمة وهو مشروع تنموي عملاق. والعلاقات مع المنظمات الدولية والتعامل معها بثقة وفاعلية لا يأتي إلا من جهود جبارة من قبل أطراف يمنية متعددة يأتي على رأسها اللجنة الوطنية اليمنية للتربية والثقافة والعلوم وأمينها العام د.محمد عبدالباري القدسي. كل ما أرجوه هو أن يصبح تعامل اليمن مع المنظمات الدولية فاعلاً على هذه الشاكلة، وليس مجرد علاقات بروتوكولية جافة لا تأتي أكلها. دولة رئيس الوزراء الأستاذ/عبدالقادر باجمال يدرك جيداً قيمة توطيد هذه العلاقات مع المنظمات الدولية وحرص شخصياً على مرافقة المدير العام في زيارته لسقطرى والهجرين، وذلك لأنه في الأساس يحمل قيماً ثقافية عليا بعيداً عن المنصب السياسي. ماتسورا شخصية يابانية عالمية لا تحتاج إلى تعريف طارئ.. فأهلاً به في اليمن رائعة التراث الثقافي والإنساني العالمي.