أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة والسمو.. وأنتم تفتتحون قمتكم الموقرة تذكروني، فإني مواطن عراقي لم ير أمه وأخواته وإخوانه منذ «16» عاماً، ومازلت أتوسد حلم العودة.. وقبل أن تقرأوا خطاباتكم تذكروا أن أبي مات كمداً وقهراً، وثلاثة من إخوتي قتلوا برصاص الاحتلال، وأخت رابعة دفنوا نصفها، وتلاشى النصف الآخر تحت أنقاض البيت الذي فتته صاروخ «ديمقراطي» قذفته طائرة أمريكية جاءت «لتحرير العراق»..! أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة والسمو.. قبل أن ترفعوا الأعلام أمامكم، وتخطوا أسماء بلدانكم على ألواح ذهبية، تذكروا ان أبنائي لايعرفون وطناً لأنفسهم، فقد ولدوا على أرض اليمن، وحفظوا تاريخ وجغرافيا اليمن، ونبرة أصواتهم يمنية إلا أن كل وثائقهم عراقية، ولايدرون إن مات أبوهم هل يعودون إلى بلد لم يروه من قبل، أم يبقون في بلد لايملكون فيه غير جواز سفر غير مقبول لأنهم رفضوا ان يختموه بختم قوات الاحتلال..! أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة والسمو.. قبل أن تخوضوا في أي شأن تذكروا أن ملايين الفلسطينيين والعراقيينوالصوماليين مشردون في كل بقاع الأرض بلا أوطان وان أطفال غزة مرت فوق اجسادهم الدبابات الاسرائيلية، واطفال الصومال تلقي بهم عصابات التهريب إلى أسماك القرش وهم يمخرون عباب البحر بحثاً عن أرض لاتحترق، وبيت لايغرق بالدماء.. وان اطفال العراق تعثر عليهم أمهاتهم داخل اكياس في براميل القمامة وبلا رؤوس، أو رؤوساً بلا أجساد !! أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة والسمو أتعرفون كم نحن غرباء !! إن كنتم لاتعرفون انظرونا على نقطة حدودية، وتمعنوا كيف تحتفي اجهزتكم بمقدم زائر اجنبي، وكم يتكدر صفو أمزجتها وتتبدل لهجتها حين تعلم ان الوافد من بلد عربي شقيق.. ! وهل تعلمون ان عالمنا العربي غارق بالقواعدالعسكرية الاجنبية، والشركات الاجنبية، والتكنولوجيا الاجنبية، وكل سلعة نمد إليها أيدينا نكتشف أنها اجنبية.. حتى حلوى اطفالنا اجنبية.. ورغم كل شيء مازالت حكوماتنا تحرص على أن تكتب في الصفحة الأولى لكل كتاب مدرسي «كنتم خير أمة أخرجت للناس» !. أصحاب الفخامة والسيادة والسمو.. هل ستتذكرون مأساة شعوبكم، وابناء أمتكم وانتم تبنون مواقفكم، أم ستبقى القناعات الدولية، والحسابات الأمريكية تسلبكم الرضا كله ولاتترك لشعوبكم حتى فتات الرضا.. ! وهل تعلمون أن هذه الشعوب لو التفت حول عروشكم لما اهتزت قيد أنملة حتى لو تكالبت كل تلك البارجات والجيوش التي احتشدت قبل بضعة أعوام من أجل غزو العراق!!.. ربما تتناسون في زحمة الخطابات ان كل هذه الشعوب العربية المنكوبة إنما تدفع ثمن سياسات حكامها، واجتهادات صناع قرارها، ولاذنب لها في خراب أو دمار أو أية ازمات غير أنها أولت ثقتها لزعماء ظنت بهم خيراً، ففرطوا بأمنها وسلامتها ومستقبل اجيالها، وانهمكوا في خلافات، وشكوك، واتهامات، ومواقف رعناء.. ! أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة والسمو.. لاخير في قمة لاتوحد مواقفكم، ولاتذيب خلافاتكم.. ولاتحل أزمات ومشاكل بلدانكم.. ! فقد أرهقنا زمن النكوص، وكدر عيشنا الدم العربي المهدور في كل مكان.. ولم يعد من سبيل غير ان تحترموا فيه الكبرياء.. وإلا فالبلاء محدق من كل جانب ليلتهم الجميع في وضح النهار.. تذكرونا ياأصحاب الفخامة والجلالة والسيادة والسمو وأنتم مجتمعون في أرض الحرمين فثمة شعوب من المحيط إلى الخليج تشرئب عيونها إليكم لأنكم صناع بلائها، ودائها وسلمها وسلامها..