في زمن العولمة والانترنت والميني جيب أصبح للشيء التافه ثمن وللكلمة الهابطة معنى.. القبح جمال والرجولة قد تكون «بالتفصاع ».. كل واحد في هذا الزمان يبحث عن السعادة بالطريقة التي يراها وإن كان ثمنها الظهور.. وكأننا مصابون بانفصام الشخصية . شاهدنا عبر الفضائيات مزاداً علنياً للوحات سيارات ظهر فيه إلى أي مدى وصل الترف بالانسان العربي . مواطن خليجي يشتري لوحة سيارة تحمل رقم «7» ب أحد عشر مليون درهم.. ذلك المزاد جعلني أشعر بالحنق والغضب على مال تبخر في الهواء ، ولو ان الرقم اياه عرض علي بمائة ريال لما قبلت.. وكذا ذلك الرجل الثري لو عرض عليه نفس الرقم خارج المزاد لما دفع فيه درهماً. ولاشك أن الفارق بين الدرهم والأحد عشر مليوناً في السعادة التي اشترتها اللحظة. ذلك المزاد ذكرني بمزاد آخر في الثمانينيات عندما اشترى رجل اعمال منديل الفنانة ام كلثوم ب خمسة ملايين جنيه «جنيه ينطح جينه».. الخبر ساعتها كان حديث الناس فأي منديل قيمته أكبر مما خلفته سيدة الغناء العربي من فن عظيم يتوارثه الأجيال عشقاً وطرباً انه الهوس والبحث عن التميز بالسير في الاتجاه المعاكس. في امريكا وأوروبا يمكن ان تباع لعربي ساعة (بيج بن) او تمثال الحرية او برج ايفل بمئات الملايين من الدولارات ، صفقة يمكن عقدها على قارعة الطريق بينما العكس من سابع المستحيلات ، هوسهم غير هوسنا قد يدفعون أضعاف أضعاف قيمة الرقم (7) ان كان مايعرض ذا قيمة حقيقية ، فهم عندما يدفعون بلوحة بيكاسو او ديفنشي مئات الملايين من الدولارات يرفعون من مكانة فنانيهم وماخلفوه.من تراث انساني ، ومهما دفعوا من ملايين فإن قيمتها تتضاءل بنظرهم أمام قيمة لوحة كالموناليزا. نحن اليمنيين هوسنا ليس في أرقام السيارات ولا في عود الفنان الراحل علي الآنسي ولو ان شخصاً حصل ومن باب الصدفة على رقم مميز يحمل الرقم (7) لدفع دم قلبه و يرشي «الطارف» ويتوسط بهذا المدير أو هذا الوزير أو ذاك الشيخ ولو اضطر للتوسط بالجنس اللطيف حتى لايحصل على الرقم المميز و يستبدله بأرقام في خصام مع بعضها البعض ؛ كي لايصطاده رجل المرور في (السرحة والجية) وهات يامخالفات . هوس البعض منا بلغ حد التفكير بكيفية البسط على أراضي الآخرين دون وجه حق ، أو الوصول لمنصب أمين صندوق يضيع الأمانة ويبلع مافي الصندوق!! والعبث بالمال العام ، كما أن الظفر بعضوية في البرلمان وسيارة ومرافقين مدججين بالسلاح هوس وقع في حبه الفقراء والأغنياء والمستقلون .. لكن كل المهووسين السابقين بكفة .. وهوس الناقمين والنخَّاسين بكفة أخرى .. فهؤلاء مهووسون فقط في الإساءة للوحدة الوطنية والمتاجرة بمطالب الناس كما فعل النفر من النشاز الغارقين إلى شوشتهم في الهوس لرسم صورة ضبابية عن الوطن .