أدى طموح وزير الخارجية التركي عبد الله جول لرئاسة البلاد الى انقسام الرأي العام التركي، لكنه يستعد لتحدي العلمانيين، بما في ذلك الجيش، للمرة الثانية. فقد قرر حزب العدالة والتنمية إعادة ترشيح عبد الله جول للرئاسة، ويقول الحزب: إن ذلك ما يريده الناخبون الأتراك، لكن معارضة العلمانيين لترشيحه تبقى قوية. «bbc» أعلن وزير الخارجية التركي عبد الله جول الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية نيته الترشح مجدداً لمنصب رئاسة البلاد بعدما كان ترشيحه قد أثار معارضة شديدة منذ اشهر بسبب انتمائه لحزب له جذور اسلامية.. وقال جول الذي أصبح في العام 2001 من الاعضاء المؤسسين في حزب العدالة والتنمية: إن حزبه الذي حقق فوزاً مقنعاً جداً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة يدعم ترشحه. ويقول عبد الله جول المولود في قيصري في 10 اكتوبر عام 1950. والحاصل على شهادة للتعليم العالي في الاقتصاد عام 1971 ودكتوراه من جامعة اسطنبول في 1983 انه قطع كل صلاته بالإسلام السياسي، كما يشير الى السنين الاربعة التي قضاها كوزير للخارجية، يعمل من اجل الإصلاحات الديموقراطية وملف تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. لكن الاتراك لا يحبون ارتداء زوجة جول الحجاب الاسلامي. وان صار جول رئيساً، فستكون زوجته اول سيدة اولى تركية ترتدي الحجاب، ولو ان الامر صعب نظراً لمنع الحجاب في كل المؤسسات الرسمية التركية. تشبث بالجذور الاسلامية اعلان جول يأتي وسط مخاوف من مواجهة بين الحزب الحاكم مع مؤسسة الجيش والعلمانيين الذين كانوا عارضوا بشدة ترشيح جول سابقاً كونه يهدد العلمانية في تركيا حسب قولهم. جول من جهته تعهد باحترام دستور البلاد العلماني في حال فوزه بمنصب الرئاسة. وقال مطمئناً الجهات العلمانية التركية:إن مسألة التزامه بمبادئ الدولة العلمانية يجب ألا تكون مصدراً لقلق أحد. مسؤولون في حزب العدالة والتنمية أشاروا الى ان جول هو الذي سيعلن يوم الثلاثاء اسم مرشح حزبه لمنصب الرئاسة. كان جول فشل في نيل منصب رجائي كوتان على رأس حزب الفضيلة عام 2000، وذلك بفارق قليل من الاصوات. لكنه اليوم ومن أجل الفوز بالمنصب الذي يتأمله جول بدأ جول مشوار التنسيق والتحالف لهذا الغرض وبحسب وسائل الاعلام التركية فإن جول سيلتقي يوم الثلاثاء زعماء الأحزاب المعارضة في محاولة لإقناعهم بدعم ترشيحه للرئاسة. لوائح البرلمان التركي تمنح مهلة لتقديم الترشيحات تنتهي منتصف ليل 19 اغسطس/ آب ، ومن المقرر ان تجرى اول جلسة انتخاب في اليوم التالي. كانت الأحزاب المعارضة قاطعت في شهري ابريل، نيسان ومايو، ايار الماضيين جلسات البرلمان ما ادى الى عدم تأمين النصاب اللازم للانتخاب. لكن حزب الحركة الوطنية وهو أحد الأحزاب المعارضة الأساس في تركيا كان أعلن انه لن يقاطع جلسة الانتخاب، ما يعني ان الاتجاه يميل الى تأمين نصاب ثلثي مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد. جول وهو أب لولدين وبنت من زوجته خير النسا اوزيورت التي تزوجها في 1980. والذي يتحدث الانجليزية والالمانية والذي دخل البرلمان في 1991 كعضو في حزب الرفاه، وفي 1999، اعيد انتخابه في حزب الفضيلة الذي حل محل حزب الرفاه. كان ترشحه منذ اشهر لمنصب الرئاسة اثار موجة احتجاجات عارمة لدى المعارضة العلمانية في تركيا، وانتهت الازمة السياسية الى الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة فاز فيها حزب العدالة والتنمية الذي عاد وحصد اكثر من نصف مقاعد مجلس النواب. ويملك حزب العدالة والتنمية الآن 341 مقعداً من اصل 550 أي اقل من نصاب الثلثين البالغ 367 مقعداً. وفي حال حصول النصاب، وفي حال لم ينتخب الرئيس من الدورتين الاولى او الثانية، فإن القانون ينص على ان اكثرية النصف زائد واحد كافية للانتخاب، ما يرجح فوز حزب العدالة والتنمية. جول وكما يوصف ليس غريباً عن الجدل حول العلمانية والدين في بلاده، ويقول بعض المهتمين بالشأن السياسي التركي انه مثل اردوغان في تشبثه بجذوره الاسلامية، ان لم يكن اكثر تشبثاً بها. في المقابل، بدأ حزب الشعب الجمهوري وهو اكبر حزب معارض في تركيا حملة معارضة كبيرة لترشيح جول، وقال دنيز بايكال رئيس الحزب: إن جول يعرف تماما انه ينتمي الى تيار ايديولوجي، مضيفا ان تركيا اصبحت بلدا تتغير فيه التوازنات السياسية بسرعة وبلد ستنعكس عليه اكثر فأكثر هوية منطقة الشرق الاوسط. ما يمكن الإشارة اليه هنا أن منصب الرئاسة في تركيا التي حافظت على نظامها العلماني منذ اصبحت جمهورية في 1923هو منصب شرف اذ لا يملك الرئيس صلاحيات تنفيذية الا انه يملك حق نقض مشاريع قوانين يطرحها البرلمان ومراسيم تصدرها الحكومة.