فرقة «آريرانج» تعزف المقطوعات الكلاسيكية والحديثة في البيت الألماني للثقافة ليس الملف الإيراني هو الوحيد المشتبك مع التاريخ واستحضارا ته المعاصرة لكنه الأكثر بروزاً في هذا الجانب .. فالنظام الإيراني يستمد حاكميته من مرجعية الإمام بحسب الرؤية الدينية للشيعة الجعفرية .. تلك الصيغة التي جاءت من جذر تاريخي مزاجه إخضاع الحاكم الدنيوي لمرجعية الإمام وبالتالي منعه من أن يكون طاغية مستبداً يعمل ما بدا له ويملك الأرض ومن عليها. إن هذه الفكرة المرتبطة بالحاكمية الدنيوية تعتلي بمكانة المرجع الديني إلى مستوى الإفتاء والتأويل بل التفهيم لمن لا يعرف أبعاد النص ودلالاته .. كما يرتقي بصلاحيات الإمام إلى حد الفصل في أمور الدولة والدنيا وهو ما يتعارض منطقياً مع تحديات الحياة السياسية المعاصرة وتقاليدها البراغماتية وتقاطع العوامل المعقدة فيها . لذلك كان من الطبيعي أن يصل النظام إلى ثنائية تصادمية غير حميدة كالماثلة الآن حيث حاول الاشتباك العصي بين مرجعية الإمام ومقتضيات الدولة. ميزان القوى الحالي يميل لصالح مؤسسة آية الله خامنئي المسيطرة على القوة والمال والبرلمان والجيش والأمن والقضاء .. فمن يستطيع زحزحة هذه القوة المؤصلة بالتعليم الديني والاستحضار المنهجي للتاريخ ونواميسه؟! . إنها مؤسسة تشتبك مع التاريخ من زاوية استحضاره التعسفي وإيلاجه من ثقب إبرة الراهن المغاير رغماً عن منطق الدولة وضروراتها .. وهذا هو السبب الحقيقي وراء الاحتقان الحالي في إيران .