تفوح الروائح الكريهة والنتنة الصاعدة من بعض الجيف التي تؤذينا دائماً، وبين الحين والآخر تخرج لتنتننا بجيفها من هذه المحافظة أو تلك، وأنا أتجنب ذكر أو تسمية المحافظات .. لأنني على علم ويقين أن هذه الجيف لاتمثل أخلاق ومواقف أبناء هذه المحافظات بقدر ماهي شراذم أو أشخاص، أو بضع أشخاص لاهم لهم سوى أطماعهم الأنانية.. على حساب محافظاتهم ومناطقهم ووطنهم ومواطنيهم. وعلى أي حال.. فردود الفعل في الشارع العام تجاه هذه النتانات تتمثل ب «الاستنكار» و «التأفف» و «السخط» منها.. فالمواطن على مستوى الجمهورية اليمنية لم ولن يقبل الخطابات القروية، والمناطقية، والإقليمية، والطائفية، والمذهبية، والقبيلة، والسلالية.. لأنه خطاب ضيق متخلف أناني «نرجسي» لايصدر إلا عن قوى وأفراد وجماعات غير وطنية ولاترقى إلى مستوى وسمو التفكير الوطني القومي الإنساني، ولا إلى مثالية الخطاب الرباني العقيدي التوحيدي للإسلام الحنيف. إن أصحاب الخطاب الانعزالي المقيت والمفتن، والمجرد عن الانتماءات الوطنية القومية الإنسانية.. ويتمحور حول ذوات «تشرنقت» حول نفسها، وانسلخت عن الشعب لتمضي في تيار معاكس لاتجاه تيار الوطن، وطن ال «22» من مايو.. وطن اسمه «اليمن» فتخلفت عن تيار الجماهير اليمنية وتراوح في انعزاليتها.. بأشكالها المختلفة «الأسرية - القروية - العشائرية - القبلية - المذهبية، والسلالية» إلى حد تبوتق تفكيرها في حدود ضيقة تجاوزها الوطن اليمني مع قيام الثورة اليمنية، وتجاوز بقاياها ومخلفاتها في ال «22» من مايو عام 1990م من القرن الماضي. إن هؤلاء يعيشون خارج نطاق «التغطية».. فعلى هؤلاء أيضاً أن يدركوا أن جيلاً جديداً عمره «17» عاماً، وجيلاً آخر عمره «16» عاماً، وجيلاً ثالثاً عمره «15» عاماً.. وهي الأجيال التي خلقت في عام الوحدة، والعام الذي يليه، والعام الثالث للوحدة.. هذه الأجيال لاتستوعب هذا الخطاب الانعزالي النتن ؛لأن هذه الأجيال مداركها تجاوزت الانتماءات الضيقة، وعقولها نقية لاتقبل العفونة.. وهو مايجب أن تدركه القوى الانعزالية.. وتسعى للحاق بركب الوطن.. فهو الأبقى والأدوم.