اتسم خطاب الدكتور علي محمد مجور - رئيس مجلس الوزراء في يوم الاستقلال الوطني بشجاعة الموقف وجرأة الطرح وصدقية القول خاصة لجهة أولئك الذين أدمنوا معاداة الوطن وتحولوا إلى أدوات لعرقلة الجهود الدءوبة والمتواصلة لبناء الوطن وتحقيق نهوضه الشامل.. وقد أشار إليهم الدكتور علي محمد مجور - رئيس مجلس الوزراء بأنهم أولئك الذين يرفعون شعارات تفوح منها رائحة الماضي النتن.. ماضي التشطير والتمزق وهي مغامرة يائسة ستنتهي بهم إلى عند أقدام الشعب المؤمن بوحدته مهما كانت التحديات. .. ومجمل مضامين خطاب رئيس الوزراء بما يحمله من دلالات ومعانٍ ذات صلة بأهمية إعادة قراءة التاريخ لاستنباط العبر والدروس ،خاصة لأولئك الذين شاخت ذاكرتهم وقادتهم ضمائرهم الميتة إلى اعتساف الحقائق وإغفال حقائق التاريخ الذي أثبت فيه شعبنا قدرته على سحق كل مؤامرات الإساءة إليه أو إعاقة حركته في اتجاه صياغة مستقبله.. .. ومن حقائق التاريخ أن يعي الذين شاخت ذاكرتهم أن الشعب اليمني يعيش تحولات متسارعة لايمكن إعاقتها، وأن جيل اليوم غير جيل الأمس ،ولايمكن بأي حال من الأحوال أن يتسنى لجيل الأمس مواكبة معطيات اليوم وتطوراته الهائلة والمتسارعة. .. وهذا الكلام معني به أولئك الذين كانوا في الجبهة القومية وجبهة التحرير ثم الأحزاب التي انضوت تحت لواء الحزب الاشتراكي تأكيداً لضرورة التعامل مع حقائق هذه المتغيرات ،حيث لايمكن أن يبقى كل شيء على ماهو عليه، فضلاً عن استحالة أن يأخذ المرء حقه وحق غيره. .. والإيمان بهذه القيمة التي تواكب الإنسان في أي عصر أو مكان هي التسليم بمبدأ تداول العطاء، الأمر الذي يسهم في حفظ رصيدهم النضالي.. خاصة أن الواجب الوطني يحتم على هؤلاء - الذين درجوا على تناسي هذه الحقائق - الابتعاد عن الأنانية والمن على شعبنا ،وبأن ينظروا إلى غيرهم من نفس الرعيل.. وأن يقتدوا بإخوانهم الذين قادوا مسيرة النضال الوطني وفجروا ثورة 8491م وثورة 5591م وثورة سبتمبر 2691م وثورة 41 اكتوبر 3691م ولم يتمترسوا وراء أدوارهم تلك ،بل سلموا واقتنعوا بأنهم قاموا بدورهم وحملوا الأجيال التي أتت بعدهم مسئولية دفة الأمور في الوطن.. وأنهم على قناعة كاملة بأن لكل زمان دولة ورجالاً.. .. ومن الغريب أن يقفز البعض فوق هذا المنطق وحقائق التاريخ أو تجاوز مواقف الرجال ونضالاتهم إلى غيرها من مواقف الارتهان لمعاداة الوطن والتمرغ في وحل التآمر على استقراره وأمنه وتطوره! .. فإين أولئك من نضال ووحدوية المناضل عبدربه منصور هادي قائد نصر الوحدة ضد حرب الردة والانفصال! وأين ثقافة البيض أو علي ناصر محمد مثلاً من ثقافة جيل الثورة التي يجسدها جيل الدكتور علي محمد مجور سواء من حيث استيعاب معطيات الواقع الجديد المستند على قاعدة فهم واستيعاب التطور في مفاهيم المعرفة العلمية المتسارعة في العصر الحديث؟ .. وأين حرصهم الوطني على اليمن الواحد من مواقف ووطنية ووحدوية المناضل أحمد مساعد حسين «الذي شارك في ثورتي سبتمبر واكتوبر»؟ وأين هم من نضال ووطنية علي أحمد ناصر عنتر ،وصالح مصلح قاسم الذين قدموا أرواحهم من أجل وحدة الوطن؟ بل أين هم من مواقف ونضال وثقافة الوحدوي الكبير ورجل الدولة المتميز عبدالقادر باجمال أو المناضل الكبير عبدالله صالح سبعة .. وقاسم الزومحي.. وعلي شائع هادي وغيرهم من المناضلين الذين قدموا ومازالوا دروساً بليغة في الانتصار لقضايا الوطن وتماسكه وأمنه ووحدته واستقراره وتطوره. .. الموقف النضالي الوطني الحقيقي أن تبقى جندياً وفياً للأمانة، وصلباً في الدفاع عن تطلعات الشعب ونضالاته لترسيخ قيم الوحدة وحارساً لمكتسباته ومنجزاته. أما عندما تجيِّر هذا التاريخ وتنساق وراء المصالح الأنانية الضيقة والذاتية فإنك تسقط في مربع الخيانة مهما ارتديت من ثياب الرهبان! .. صحيح أن البعض من أدعياء النضال كان له بصمات في الحوار الوحدوي لكنه في حقيقة الأمر لايستطيع أن ينكر بأن أهدافاً خفية كانت وراء ذلك الحوار الذي أفضى إلى إعلان إعادة تحقيق وحدة الوطن ،ولقد تجلت تلك النوايا في إشعال حرب الردة والانفصال بعد أن سقطت فرضية ماخططوا له مسبقاً بأنهم «وحدويون» إذا تفردوا بحكم دولة الوحدة أو «عودتهم» عنها إذا لم تتحقق تلك الفرضية وهو ما أثبتته وقائع محاولات إعادة تاريخ اليمن المعاصر إلى الوراء ،وللأسف مازالوا يمنون النفس بهذه السقطة التي كما قال الدكتور مجور: إن الشعب سيسقطها عند أقدامه . .. لقد خبر الوطن قادته الحقيقيين المناضلين ،حيث انتصروا على تلك المخططات الانفصالية وهم أبطال وحدويون أشداء أمثال عبدربه منصور هادي وأحمد مساعد حسين ،وسالم قطن ،وفيصل رجب وعبدالله منصور الوليدي ،وعبدالله عليوه ،وصالح طميس ومحمد راجح لبوزة وغيرهم ،حيث حافظوا على الوحدة ورسخوا بنيانها في وجه أدعياء الوطنية ممن باعوا شرفهم وأدوارهم بثمن بخس! .. من العار أن يتحول من كان يدعي بالأمس أنه مناضل إلى مجرد متسكع ومأجور يعمل وفق أجندة تآمرية تعكس خرفه وتخريفه.. .. من العار على هؤلاء أن يستجروا الماضي المتخلف فيعكسون مافي أنفسهم من أمراض التشطير والسلالية والمذهبية والمناطقية والقروية، متناسين أن اليمن واحد والوطن واحد.. وأنهم واهمون في محاولة ترسيخ ثقافة التشطير والتجزئة.. فاليمن منظومة واحدة بجغرافيته فالجنوب جزء من الشمال والشمال جزء من الجنوب وكذلك من شرقه إلى غربه بلد واحد غير قابل للقسمة وسيظل كذلك مهما تنكر البعض ليمنيته وهويته الوطنية ،خاصة أن ثمة من يعيش بعقليته الانفصالية مرتهناً إلى فترة حكم شعبنا بالحديد والنار ودوامة القتل بالبطاقة والتصفيات ودورات الدم التي كانت تقام كل خمس سنوات!. .. والخلاصة أن على هؤلاء أن يدفنوا رؤوسهم وأوهامهم في الرمال ،وأن يعتذروا للشعب وألا يظهروا أمامه لفداحة ما ارتكبوه من جرائم يندى لها الجبين.. حتى لايكونوا عرضة لملاحقة الانتربول الدولي. *نقلا عن صحيفة الجمهورية: