ي تحدث الناس عن «خطوط حمراء» للسياسة، إلا أنه قلمايجري التفريق بين «خطوط حمراء» من صنع الحاكم وبين أخرى من صنع الشعب نفسه.. وفي كليهما تحريم للتجاوز يوجب إيقاع العقاب بكل من ينتهكها.. ما يضعه الحاكم من «خطوط حمراء» .. سواء كان رئيساً أو ملكاً، أو سلطاناً ؛ لا يعد من الثوابت الوطنية لأنه لا يمثل إلا شخصه وإرادته.. إلا أن «الخطوط الحمراء» التي تضعها الجماهير هي الثوابت الوطنية التي تلزم الحاكم والمحكوم احترامها، وإذا ما انتهكها الحاكم وجبت الثورة عليه، وإذا ما انتهكها المحكوم وجب على الحاكم وفقاً لصلاحياته الدستورية معاقبته بالقوانين النافذة. وبطبيعة الحال فإنه ليس هناك قوة على الأرض فوق الثوابت الوطنية، حتى لو أطلقت على نفسها اسم «حزب» أو «تجمع أحزاب» أو «لقاء مشترك» !! فكل حزب لا يمثل إلا أعضاءه، ومتى ما حصل على أصوات الأغلبية الناخبة في العملية الديمقراطية أصبح يمثل الإرادة الشعبية. في اليمن منذ أشهر والثوابت الوطنية تتعرض للانتهاكات الصارخة.. سواء من قبل أفراد عاديين، أو قيادات حزبية، أو أحزاب ضمن توجهها العام.. فهناك من يكتب بكل وقاحة داعياً إلى الانفصال.. وهناك من يعتلي المنابر الدينية، والحزبية، ويخطب في مهرجانات علنية محرضاً على الانفصال.. فيما اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني أصدرت بياناً ختامياً لأعمالها مكتوباً بلغة تشطيرية واضحة تحرض على الانفصال وتدعو إليه صراحة. وأمام هذه الفوضى والخرق العلني للثوابت الوطنية نتساءل : هل أصبح بعض قيادات أحزاب المعارضة فوق إرادة الشعب اليمني، وفوق الدستور، بحيث صار من حقها التعبئة للفتنة الانفصالية، من قرية إلى قرية، ومن محافظة إلى أخرى !؟ وهل صار عند بعض الكتاب حق «الفيتو» في الدعوة إلى التشطير، والتحريض على الاعتداء على رجال الدولة من أجهزة الأمن والدفاع والمؤسسات التنموية وتحت مبررات شتى !؟ ثم أليست الدولة هي المسؤولة دستورياً عن حماية الثوابت الوطنية والدفاع عن مصالح الجماهير ؟ فلماذا إذن تواجه تلك الخروقات والانتهاكات بالصمت !؟ لكن من جهة ثانية ينبغي التساؤل : هل الدولة وحدها المسؤول عن حماية الثوابت الوطنية أم أن الفرد «المواطن» أيضاً مسؤول عن الدفاع عن مبادئه وعقائده ووحدته الوطنية، واليمنية !؟ لاشك أننا في ظل الحالة الديمقراطية التي نعيشها نحمّل المسؤولية على عاتق الدولة، ثم الفرد، ثم منظمات المجتمع المدني الحقوقية بوصفها لسان حال العدالة القانونية والإنسانية، وأن رسالتها تستهدف ترسيخ أمن وسلام وكرامة المجتمع.. فأين هذه المنظمات مما يتم طرحه اليوم من انتهاكات لحق الشعب اليمني في أن يعيش موحداً، آمناً، سالماً، من الفتن والصراعات !؟ أم أن الإخوة والأخوات الناشطين في المنظمات ينتظرون وقوع حرب انفصالية لينوحوا حينذاك على الأرامل واليتامى والقتلى والنازحين من بيوتهم بسبب عنف الحرب !؟ أتوجه إلى كل أبناء اليمن لأذكرهم بأن هناك تجار سلاح تعرفونهم يتربصون بكم الفتنة لتصريف بضاعتهم الكاسدة.. وهناك تجار يترقبون الأزمات لفتح أبواب السوق السوداء.. وهناك حزبيون انتهازيون ينتظرون بيع دمائكم في أسواق دول الخليج مقابل دعومات من هذا الشيخ، أو ذاك الأمير. وهناك «مجاهدون» مرتزقة ينتظرون من يدفع لهم للبدء بحزّ رقاب أطفالكم والتفجيرات الانتحارية، وأنتم تعرفونهم فهل ستوقفون كل هؤلاء قبل أن تجدوا أنفسكم ونساءكم وأطفالكم في أسواق المغامرات الحزبية القذرة !؟