يوم أمس.. قلت لنفسي.. غادر البيت! وفوراً.. تحرك فالحركة بركة.. والجلسة في البيت تعني حركة محدودة وأفكاراً محدودة.. مكررة.. إلى أين أتجه؟ إلى سوق الفاكهة بخط الستين بأمانة العاصمة.. ماشاء الله.. السوق عامر وكمية المعروض أثارت رغبتي في التغني بالفاكهة وكأنني فنان عراقي.. خرجت بسلّة فواكه وشوالة من الأفكار السلبية حول ثقافة العبث والاستهتار الذي يؤكد أننا كمواطنين نحتاج لأن نفتح آذاننا وعيوننا للنظام والذوق بذات الحاجة لأن يفتح مسئولو الأجهزة الرسمية آذانهم لسماع همومنا وأوجاعنا مع الغلاء والفساد فلا يقلبوا لنا ظهر المجن أو يردون علينا بالأذن الصنجى.. هناك عرفت.. لماذا قيل بأن دخول الحمام مش مثل خروجه..؟؟ كل شيء حولك عبث.. فوضى.. لوحة سريالية اعتقدت أنها وراء قول سعد زغلول: «غطيني ياصفية».. اشتريت حاجتي نعم.. ولكن كيف أخرج من السوق..؟ فالعشوائية والزحام وتداخل السيارات يلف كل مكان.. والطريق إلى البوابة صارت اتجاهين لاتخلو أيضاً من توقف البعض في قلب الطريق بملامح ثلجية مفرطة في إثارة الاستفزاز. الباحثون عن منفذ متجمدون في أماكنهم.. يرقبون كل ماهو عشوائي وعابث.. مايكرفون يصرخ من بعيد لا أحد يهتم به.. مجرد إزعاج.. إزعاج وحسب..! المهم مشاهد توضح كيف أن التركيبة المزاجية لكثير منا لا تعتدل إلاّ بالمخالفة والتعسف لكل ماهو سليم وكل ماهو إنساني متحضر.. كان «صباح جن» صحيح.. لكنني خرجت منه بفاكهة وفكرة.. أما الفكرة فهي حاجة الذوق لأن نفتح له آذاننا بذات حاجة المواطن لمسئولين يسمعون أوجاعه.. وبعد السؤال عن المسئول عن ضبط ذلك العبث أجزم بالاعتقاد أن في الأسواق والشوارع من يريد أن يعلمنا هوايات جديدة.. هواية «التناحة» أو هواية شد الشعر وتمزيق الجيب دون حرج من أمة لا إله إلاّ الله..!!