في مقال الزميل الدكتور/أحمد المغلس بصحيفة «الجمهورية» "يموتون غرباء" يوم الأحد الموافق 2 سبتمبر 2007م، أشار د.المغلس إلى الاقتراب المستحي (وليس المستحيل) الذي تحاوله جامعة عدن من تاريخ الأستاذ/أحمد محمد نعمان، إذ من المقرر عقد ندوة خاصة لدراسة تجربته الوطنية الرائدة منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى ثمانينياته، لينقشع الضباب الكثيف حول تاريخه وتجربته، وكان من المقرر أن توازي هذه الندوة الندوات السابقة عن زملائه الرواد الأوائل في مجالات الأدب والإعلام والنضال الوطني.. لا يخفى على أحد مختلف أشكال الضيم والعذاب والتجاهل المتعمد الذي عاشه الأستاذ النعمان رحمه الله منذ (صنع) قضية الأحرار حسب وصف القاضي/محمد محمود الزبيري، و(صنع) النور في اليمن كما قال الفيلسوف/عبدالله القصيمي، وما ناله من التجريح الشخصي إلى جيوش المشككين، والسجن ومحاولات الاغتيال التي نجحت بإصابة نجله الشهيد/محمد نعمان، وقصّت جناح أبيه الذي عاش منصرفاً عن نشر الحقائق عن تجربته وتجربة حركة الأحرار عامة، ولم يشارك في الرد والتصدي على موجة الزيف التي غمرت تاريخ النضال اليمني ضد الأئمة في الشمال والاستعمار في الجنوب وما تلاهما؛ بل كان يواجه هؤلاء بالسخرية؛ حتى إنه عقب نشر أحد أبطال الثورة مذكّراته ونفى فيها عن أستاذه النعمان صفة الثورية اتصل به الأستاذ: "أشكرك على تبرئتي من هذه التهمة!". ويستشهد بالشاعر معروف الرصافي: وما كتب التاريخ في كل ما روت لقرائها إلا حديث ملفق نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق والجميع يعلم أن الأستاذ نعمان وأسرته بذلوا طاقتهم وجهدهم وما فوق طاقتهم وجهدهم أيضاً في سبيل القضية الوطنية دون منٍّ أو أذى، مهما خوّن بعض، أو تجاهل أو غمط حقهم بعض آخر، لا أحد ينكر ذلك، بل بقاء النعمان قامة لا يبلغها الأقزام أمر محل إقرار لا إنكار. سيبقى بذلنا أسطورة تملأ التاريخ نفحاً وعطورا كلما طافت بنا مكروهة ملأت أرواحنا صبراً جسورا "الفضول" وليس نضال النعمان رحمه الله وأسرته ذنباً يستوجب العقاب والتجاهل، فإذا صحَّ ووجب العقاب والتجاهل فعلى الانتهازيين والأدعياء لا أصحاب القضية وصنّاعها وروادها. لذا يمكن القول: إن ساعة الإنصاف والتقويم الموضوعي للنعمان آتية لا ريب فيها، والمجتهدون مستعدون لذلك من مختلف التيارات، حتى تلك التي رمت النعمان بالرجعية والعمالة وغيرها من سلسلة الألقاب المباركة. ولا قلق من حالة الجمود والتثلج التي شكا منها وتألم لها د.المغلس.. فجو عدن الحار يحتاج لموجة برد تلطف الجو!!. ولعل الذين يحضّرون للندوة العلمية التي ستنعقد نهاية هذا العام بناءً على ما تقرر منذ بداية العام، وجهت الرسائل للباحثين بالمحاور المختصرة وغير المدروسة مما جعل بعض المنصفين المهتمين يعتبرون معدّي المحاور جاهلين بقدر النعمان ومكانته. ولنختلف مع القائلين بذلك، فمحضّرو الندوة بكل تأكيد قرأوا مصير النعمان؛ وهو الذي بذل وضحّى وتفانى، فقرروا ألا يبذلوا جهداً أكبر من المطلوب وهم معذورون!!. رحم الله الأستاذ النعمان ورفيق دربه القاضي الزبيري الذي في رسالته إلى "أخيه وزعيمه النعمان" (15 سبتمبر 1959م) قال: "يا أخي أنت تعرف أن حياتنا أصبحت قصيرة، ونحن بقية باقية قليلة من جيل كامل من الأحرار انتهى وانطوى معه تاريخه وفلسفته، ونحن نعيش في جيل جديد كل الجدة له مفاهيم ومعتقدات منقطعة الصلة بنضالنا ومبرراته وأسبابه وفلسفته، وليس في الميدان من يستطيع أن يفسر قضيتنا ويفلسفها ويمجد دوافعها ويربطها بالمفاهيم الجديدة سوانا، ومن الممكن جداً لأي جاهل متعالم أن يتناول تاريخنا ويحوّره ويفسده؛ بل قد يأتي اليوم الذي لا يستطيع جيل جديد أن يفهم لنضالنا معنى ولا غاية رغم كل ما كتبناه من مؤلفات ومقالات ونشرات". ومع ذلك نظل متفائلين بجهود جامعة عدن تحركت أو تجمدت، تسخنت أو تثلجت؛ فإنها خطوة في طريق الإنصاف حتى ولو شكلت إجراءاتها ظلماً جديداً