ما أن تأخذك قدماك إلى السوق لشراء حاجيات رمضان حتى تبادرك الصدمة تلو الصدمة، والظلم تلو الظلم جراء الارتفاع المسعور للأسعار التي صعدت سلم الجشع بصورة غير معهودة، واعتقد وسلم الجميع أن التجار في بلادنا قد أصابهم جنون الأرباح وتحللوا من الدين والضمير والشعور الإنساني. لم يبق هذا الجنون محصوراً عند كبار التجار؛ بل تعداهم إلى أصحاب السوبر ماركت والبقالات المتوسطة والصغيرة والصيدليات وغيرها. فقد أصابت العدوى السوق اليمني كله، وأصبح كل بائع ينسج الأسعار ويفرضها على المواطنين البسطاء كيف يشاء حتى انهم أضافوا إلى السلع الأساسية ضعف قيمتها كربح خاص بهم!!. الرقابة والتموين والجهات المختصة بالتسعيرة ومتابعة السوق للأسف شبه غائبة. أما السلطة المحلية في المحافظات والمديريات فقد انشغلت خلال يومها وليلها بالسياسة فقط، أي أن وجودها في حياة المواطنين سياسة في سياسة، وتعتبر المواطنين الذين أوقشوهم وعوداً وأحلاماً ليس أكثر من جسر منحوس لا ينظر إليهم أبداً إلا من خلال كشوفات التعداد السكاني والتقسيم الإداري!!. مجالسنا المحلية للأسف ذهبت بكامل وعيها وطاقتها لترسم الخطط والخرائط لجباية الرسوم وزكاة الفطر وغيرها إلى الدرجة التي نسيت معها أنها مسئولة عن حياة المواطنين وعيشهم وحراكهم اليومي، كل في إطار ومحيط محافظته ودائرته. وفي اعتقادي أجزم أن المجالس المحلية لم تع بعد مهمتها ووظيفتها، واعتقدت أن مسئوليتها سياسية بحتة وحزبية صرفة؛ مع أن ذلك مشروع لو أنها استوعبت دورها ووظيفتها في حياة المواطنين اليومية، وأنها معنية بمتابعة أحوال وظروف ومعيشة المواطنين ضمن الدائرة التي نجحت فيها أو المحافظة التي حازت ثقة جماهيرها. إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن، معتقدين أن مراقبة البيع والشراء والأسعار ومعيشة الناس هي الأخرى مركزية ويحتاجون فيها إلى توجيهات من الأخ الرئيس حتى يتحركوا ويخرجوا من غرفهم الباردة. الصيدليات والبقالات ودكاكين المياه المقطرة والأسواق الخمسة نجوم وغيرها من تلك التي تصنع في البدرومات ولا تصلح للاستخدام الآدمي لا أحد يراقبها؛ وتزورها المجالس المحلية في فترات الجباية فقط وليس غير ذلك!!. حبذا لو أن المسئولين تخلصوا من محنة التصريحات الصحفية والظهور الديكوري وتحولوا إلى نجومية الواقع والظهور في الميدان بدلاً من شاشة التلفزيون والصحف وتعطيل لغة الكذب المعسول وإحياء لغة السوق والواقع لأنها الحقيقة الوحيدة التي يواجهها المواطن البسيط. ورمضان كان وسيظل شهر الرحمة حتى لو تحول السوق اليمني إلى ماراثون مفتوح.