بين ليلة وضحاها تحولت المقرات إلى (مفاقس) منظمات وجميعات، واجتاح الشارع موسم أشبه مايكون بموسم تفريخ القطط، وليس من سو غير ان الاحزاب تستعد لأكل «الثوم» بافواه المنظمات!! في يوم واحد كشف النقاب عن تأسيس ست منظمات مجتمع مدني، وتخندق في كل واحدة منها وجوه حزبية نعرفها حق المعرفة، وكلاً رفع شعاره باسم عشرين مليون مواطن يمني.. ومازال البحث جارياً عن مزيد من المسميات لمزيد من المنظمات، ولن ياتي موعد الانتخابات النيابية حتى تصبح اعداد منظمات المجتمع المدني أكثر من نفوس سكان اليمن ومعهم اللاجئين الأفريقيين!! ان هذا الوضع المزري هو مؤشر على ان الاحزاب فقدت السنة حواراتها، واوصدت ابواب منطق الخطاب السياسي، وعقدت العزم على فوضى حرب البيانات المتخمة بالشتائم والتجريح والتجريم التي لاقبيل لأحد بوقفها، لانها تصدر عن (المجتمع المدني) الناطق بلسان عشرين مليون مواطن، والمحصن بحماية المنظمات الدولية ابتداًء من العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، وانتهاء بموقع «جين نوفاك»! من المؤكد ان الخطورة لاتكمن في الكثرة، ولكن في إستنساخ هذه المنظمات لهويات الأحزاب سواء كانت احزاب معارضة ام حاكمة وبالتالى فهي ستحدث باسم عشرين مليون مواطن في الوقت الذي هي تمثل تكوينات حزبية،تعمل بتمويلاتها،وتنطق بخطابها، وتسعى لتحقيق مصالحها.. مما يعني ان المجتمع المدني اليمني يتعرض لعمليات مسخ منظمة، سيكون من شأنها افقاده هويته، ووظيفته الأصلية التي يقوم لأجلها، ولخدمة أغراضها النبيلة.. واذا ماتجاهلنا طمس هوية المجتمع المدني، فاننا لن يكون بوسعنا تجاهل خطورة هذا التوجه في تفتيت الوحدة الوطنية، والايغال بتجزئة الصنف الوطني إلى الاف المسميات، بعد ان كانت مخاوفنا محصورة في عشرين حزباً وتنظيماً وسياسياً..! ولعل جسامة الخطورة تكمن في ان هذا اللون من التفتيت سيحدث في الشرائح المثقفة، والتي تقود حركة الوعي المجتمعي، وهي بالتالي ستتحول إلى ادوات شتات فكري وثقافي، وتحطم قيم المجتمع، وتجره إلى حالة ضياع حقيقية... كما ان انحراف مناهج المجتمع المدني إلى الأطر الحزبية سياتي على حساب المسائل الحقوقية للمجتمع، اذا ان الاستهداف لن يكون قائماً على معايير اخلاقية او انسانية بقدر اخلاصه المولاءات والانتماءات، ومايتحقق من ذلك من مصالح للحزب الراعي نفسه.. رغم ان امر كهذا قائم على ارض الواقع اليوم، وخير مايمثله من ذلك من مصالح للحزب الراعي نفسه.. رغم ان امر كهذا قائم على ارض الواقع اليوم، وخير مايمثله هو اوضاع الفئات المهمشة التي لم نسمع يوماً حزب أو منظمة دافعوا عن حقوقهم اولامسوا همومهم رغم انهم ابناء نفس الوطن. لن نحمل وزارة الشئون الاجتماعية اي مسئولية في ذلك لاننا ندرك ان مايجري يفوق قدراتها وصلاحياتها على ايقافه، لكننا نحمل الأحزاب مسئولية كاملة في جر الساحة الوطنية إلى منزلق حروب المنظمات،والمعارك الحزبية تحت الوية المعاناة الإنساني، والقضايا الحقوقية، التي تمترس تحت شعارات المنظمات المستحدثة..لأن في ذلك مصادرة حقيقية لكل القيم الانسانية والأخلاقية للمجتمع،فضلاً عن كونها مغامرة خطرة لم يسبق لأحد ان خرج منها معافى.. وأخيراً نقول: ان على القادة الحقيقيين للمجتمع المدني الانتفاض بوجه الاستساخ الحزبي، ورفض مصادرة الجهد العظيم الذي قدموه لمجتمعاتهم، وضحوا من اجله، وهم رواده الأصليون!!