تعز.. حشود غاضبة وغير مسبوقة تكتظ بها شوارع المدينة للمطالبة بالقبض على قتلة المشهري    صنعاء.. اعتقال قطران ونجله بعد اقتحام منزلهما في همدان    الأمم المتحدة:الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ينذر بكارثة إنسانية    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    المنحة السعودية المزمع وصولها في مهب افلام المعبقي    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع هطولاً مطرياً على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الرئيس الزُبيدي يُثمن الدعم الكريم من المملكة العربية السعودية لموازنة بلادنا    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يرفع برقية تهنئة الى قائد الثورة والرئيس المشاط بذكرى ثورة 21 سبتمبر    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    فخ المنحة السعودية:    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    مقتل امرأة برصاص مليشيا الحوثي الإرهابية في إب    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    متلازمة الفشل عند الإخوان!!    إصابة 8 جنود صهاينة بانقلاب آلية عسكرية    من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟    أحزاب المشترك: ثورة 21 سبتمبر محطة فارقة في استعادة القرار وإسقاط الوصاية    عودة الوزراء المصابين الى اعمالهم    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واحدية الثورة اليمنية وأوهام الحاقدين
نشر في الجمهورية يوم 05 - 12 - 2007

لم يكن من قبيل المصادفة، ولا من المستغرب أن تبيت بعض القوى السياسية اليمنية الحاقدة والمأزومة الثاوية وراء بعض الأفراد المعوزين وذوي الحاجات والمطالب الشعبية والقضايا الحقوقية المشروعة النية من أجل تجديد الدعوة إلى إثارة القلاقل والدعوة إلى الشغب وزعزعة الأمن والاستقرار في العديد من المحافظات اليمنية،
ومحاولة تعطيل دوران عجلة التنمية لزيادة الضغط الشعبي على الحكومة والسلطة وإحراجها أمام شركاء التنمية من المانحين والمؤسسات الدولية الداعمة لجهود التنمية والإصلاح السياسي والإداري والمالي.
ما نستغربه حقاً، أن تلجأ بعض تلك القوى إلى إثارة تلك النعرات والقلاقل الطائفية والمناطقية، ورفع الدعوات الانفصالية في بعض المناطق والمحافظات اليمنية مستفيدة ومستغلة تسامح السلطة معها ودعوات فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وآخرها ماجاء في خطابه بمدينة عدن يوم التاسع والعشرين من نوفمبر الحالي بمناسبة الاحتفال بذكرى عيد الاستقلال المتكررة للحوار وطي صفحات الماضي ومعالجة كل الآثار المترتبة عنها، وإعلانه أكثر من مرة العفو عن كل من أساء إلى الوطن ووحدته وأمنه، وإليه شخصياً، وكأن لسان حال البعض منها يردد القول:«إن أكرمت اللئيم تمردا».
وما نأسف له أكثر، هو الهجمة العنيفة والشرسة التي تتعرض لها الثورة اليمنية المجيدة بكافة رموزها النضالية، وبكل محطاتها الكبرى سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، بل لم تسلم من ذلك حتى الوحدة اليمنية بوصفها أبرز المنجزات العظيمة لشعبنا اليمني، في الوقت الذي يحتفي فيه شعبنا اليمني بالذكرى الخامسة والأربعين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، والرابعة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، والأربعين لنيل الاستقلال، التي تؤرخ لذكرى رحيل آخر جندي للاحتلال الانجليزي من جميع محافظاتنا جنوب الوطن.
ومن المعلوم اليوم للجميع أن هذه الهجمة العنيفة والشرسة والمخططة التي يشنها البعض تأتي تنفيذاً لأجندات خارجية في إطار ما يسمى «الفوضى الخلاقة، أو الهدامة بمعنى أصدق»، أو تلبية لمطامع سلطوية انتهازية ومصلحية، وحنين مرضي يصور لأصحابه أن عودة الماضي التشطيري البغيض كفيلة بعودتهم إلى واجهة الحدث السياسي، ولو من باب سفك الدماء وتقديم القرابين من أبناء الشعب اليمني لسادتهم المبجلين، وهي تستهدف الخلط المتعمد والتشويش المفضوح لوعي المواطنين اليمنيين وخاصة من جيل الثورة وشباب الوحدة، ومحاولة التفريق بين الثورتين «أو بمعنى أدق الثورة اليمنية»، والتشكيك في واحديتها، في محاولة رخيصة ومفضوحة لإنعاش الروح الانفصالية التي نمت مع التشطير، وجعلت لفترة طويلة من الزمن من اليمن الواحد يمنين ومن الجيش جيشين ومن العلم علمين.
مع أنها لم تتمكن بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء من جعل الشعب اليمني شعبين، ولم تستطع تشويه وطمس حقائق التاريخ التي تقر بواحدية الحركة الوطنية اليمنية وواحدية النضال، وامتزاج الدم اليمني الواحد على امتداد الأرض اليمنية الطاهرة، ولعل واحدة من الحقائق التاريخية الثابتة التي لا يختلف حولها اثنان، هي أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، استفادت من الدعم المعنوي والمادي الذي حصلت عليه من المناضلين ورجال الحركة الوطنية من أبناء الشعب جنوب الوطن اليمني، كما أنها ساهمت بدورها في خلق بيئة وقاعدة مناسبة لانطلاق ثورة تحرير جنوب الوطن، والعلاقة بين الثورتين علاقة أزلية عميقة عمق امتداد الحضارة اليمنية في التاريخ الإنساني، وراسخة رسوخ جبال اليمن، وواضحة وضوح أهداف الثورة اليمنية الباسلة الستة، عمدتها دماء المقاتلين الزكية التي سالت واندمجت على ثرى هذه الأرض الطاهرة.
والواقع، كما يلمح إلى ذلك العديد من المؤرخين والباحثين لحدث الثورة اليمنية والحركة الوطنية، أن الثورة اليمنية «سبتمبر» انطلقت من فكرة ثاقبة مفادها أنه لم يكن بإمكان انتصار الثورة في شمال الوطن على السلطة المستبدة، وتثبيت دعائم النظام الجمهوري الوليد إلا بتحرير الجنوب من الاستعمار، وعزز من هذه القناعة حقيقة أن المحتل البريطاني كان يشكل عدواناً متواصلاً على ثورة سبتمبر لضمان تكريس احتلاله للجنوب.
لقد هيأت ثورة سبتمبر الظروف المناسبة، وخلقت الفرص المواتية لقيام الثورة في الجنوب، وهي الظروف التي كانت تفتقر إليها الحركة الوطنية اليمنية عموماً، وتلك المتواجدة في عدن بصورة خاصة، إذ وفرت معسكرات التدريب للمقاتلين عبر التطبيق العملي للقتال مع فلول الملكيين، وتجنيد المتطوعين لقتال الانجليز، ووفرت الأسلحة والدعم اللوجيستي اللازم للمقاتلين، والأهم من كل ذلك وفرت العمق الاستراتيجي المناسب لاجتماعات القيادات السياسية التي تقوم برسم الخطط وإعادة تنظيم الصفوف والانطلاق للقتال من جديد، وكذا هيأت الدعم السياسي لقضية تحرير جنوب اليمن، وهي العوامل التي ما كان بإمكان الثورة اليمنية في جنوب الوطن النجاح بدونها، وابتداء من الرابع عشر من أكتوبر 1963م، انطلقت جهود التحرير لجنوب الوطن عملاً بالهدف الأول من أهداف ثورة 26سبتمبر، الذي عد القضاء على الاستعمار في الجنوب اليمني مهمة عاجلة استكمالاً لجهود الثورة اليمنية، وهو ما تأتى للمجتمع اليمني في 30نوفمبر 1967م، حيث أعلنت بريطانيا انسحابها من عدن بعد احتلال دام 129سنة كاملة.
المؤكد أننا لو عدنا كما يشير أستاذنا الدكتور عبدالعزيز المقالح اليوم إلى المواطن اليمني العادي والبسيط والبريء من كل معايير الانتقاء والعشوائية، والخالي من كل عقد الانتقاص لمنجزات الآخرين وتعظيم الذات، التي تطبع العديد من القوى السياسية اليمنية، لوجدناه ينظر إلى الثورة اليمنية كنهرٍ هادرٍ عظيم واحد منابعه الصافية وبداياته الأولى سبتمبر وأكتوبر، ومحطته الفارقة يوم الثلاثين من نوفمبر 67م، 89، وأفقه الواسع الانتصار الأكبر الذي تحقق للشعب اليمني بإعادة لحمته ووحدته يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م.
ولذا ما أشد الحاجة اليوم إلى تركيز إعلامنا الرسمي والحزبي والمستقل، ومثقفينا وسياسيينا باختلاف مشاربهم الأيديولوجية على هذه الرؤية الموضوعية بوصفها المدخل الطبيعي للحفاظ على اليمن الواحد الموحد، وتذكير شبابنا اليمني بتاريخ ومسيرة الكفاح والنضال الوطني لحركة التحرر الوطني من أجل التخلص من ربقة الحكم الاستبدادي في شمال الوطن، وإجلاء المستعمر من جنوبه، وصولاً إلى تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو.
فالتاريخ كما يرى المفكر العربي المغربي محمد عابد الجابري، في كتابه: المغرب المعاصر، الخصوصية والهوية.. الحداثة والتنمية، 1988م:181 «.. لا يكتب مرة واحدة، بل تعاد كتابته باستمرار تحت إيحاء أو ضغط أسئلة يلقيها الحاضر على الماضي..، ويتساءل الجابري عن أسباب التفكير الآن في كتابة أو إعادة كتابة تاريخ الحركة الوطنية ببلادنا؟».
ويعتقد الجابري أن طرح هذا السؤال بصراحة سيمكن المؤرخ من التماس «حل مرض»ٍ في الوقت الحاضر لقضايا أساسية، أو لتحديات وإكراهات تجابه المجتمع وتعيق تقدمه.
فما أحوجنا اليوم إلى إعادة كتابة تاريخنا اليمني، وتدوين تاريخ نضال الحركة الوطنية اليمنية من أجل الوصول إلى تلك الغاية النبيلة، بنفس الروح العلمية والموضوعية من أجل البحث عن حلول ناجعة للقضايا التي يطرحها علينا واقعنا المعاصر، وتفرضها علينا التحديات المتعاقبة، من أجل تحصين شعبنا وشبابنا ضد آفة النسيان والاختراق الثقافي وتشويه الحقائق التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.