احتفل الشعب اليمني اليوم الثلاثاء بالعيد الخامس والأربعين لثورة 14 أكتوبر الخالدة عام 1963م ، تلك الثورة التي تعد أكبر الاحداث في سجل حركة التحرير الوطنية في العالم، واكثرها تأثيراً في افول الموجة الاستعمارية حيث يرجع جذور هذه الثورة الى عام 1839م ، اذ مثلت نتاج تطور طبيعي لعملية تحرير استمرت اكثر من 120 عاماً دون توقف ضد المستعمر البريطاني في جنوب اليمن، وبلغت ذروتها في 14 اكتوبر 1963 في وقت كانت ثورة 26 سبتمبر 1962م التي اطاحت بالنظام الامامي البائد في شمال اليمن ذلك الحين، تمدها بمزيد من العنفوان، وهذا ما يقصر به تلاحم الثورتين أو واحدية الثورة اليمنية. اذ كانت ثورة 14 أكتوبر 1963 فى الجنوب اليمنى انعكاسا حقيقيا لمد ثورى قدحت شرارته الاولى من الشمال حيث لم يمضى اكثر من عام إلا اّوتفجرت ثورة ردفان معلنة نهاية حقبة طويلة من الاحتلال البريطانى لمقدرات اليمن ويبرزهذا التلاحم او واحدية الثورة في كثير من العناصر المشتركة في الحركة الوطنية في جهتي الشمال والجنوب حين ذاك ، وهي عناصر او عوامل متضافرة ومسجلة بالوقائع التاريخية التي يصعب انكارها او طمسها، وتؤكد ان النضال الوطني ضد الاستعمار والامامة لم يكن منفصلاً في يوم من الايام رغم محاولات الفصل والتسميات التي كانت تطلق على شطري اليمن ابان الاستعمار والامامة، وهي تسميات سقطت امام الحقيقة التاريخية الكبيرة عن الوطن الواحد والشعب الواحد. وكانت حركة التحرر الوطني في الجنوب تتكون من مجموعات وقوى كثيرة متعددة التوجهات والافكار والاهداف والمبادئ ولكن في النهاية كانت القوى التي فاصلت الاستعمار وانتصرت للثورة والتحرير هي تلك التي منحت الثورة وحركة التحرير والاستقلال ابعادها الوطنية والوحدوية بفعل تطور وعيها السياسي وتشبعها بالثقافة الوطنية وايمانها بحقيقة الوطن الواحد والشعب الواحد. وكانت عدن بتحضرها واحزابها ونقاباتها واحرارها مدرسة لرجال الحركة الوطنية او حركة الاحرار ومصدر عون لهم في النضال ضد نظام الامامة ، ،وبسطوع شمس ثورة 26 سبتمبرعام 1962 اصبح لحركة التحرر والثورة في الجنوب مصدر قوة، وعندما نهضت حركة التحرير والثورة في الجنوب صار لثورة 26 سبتمبر سند قوي في مواجهة القوى الملكية التي تكالبت عليها.. وبعد ثورة 26 سبتمبر توجه الى جبهات القتال في الجنوب كثير من السبتمبريين لينخرطوا في حركة التحرير وموكب ثورة 14 ، وحينما كانت ثورة 14 اكتوبر 1963 قد بلغت ذروتها وانجز ابطالها مهمة الاستقلال الوطني، وهب المناضلون الى جبهات القتال في صنعاء وحجة ومارب وغيرها للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري، حتى ان احدى القوى الاقليمية الداعمة للملكيين طلبت من بريطانيا في ذلك الوقت ان تؤجل موعد انسحابها من الجنوب لبعض الوقت حتى يتم الاجهاز على النظام الجمهوري في صنعاء. ففي ذلك الوقت المبكر كان اعداء الثورة اليمنية يدركون الحقيقة التي يحاول بعض اليمنيين اليوم التشكيك فيها، فقد كان البريطانيون يرون في ثورة 26سبتمبر الخطر الاكبر على بقائهم في عدن، وكانت القوى الخارجية الداعمة للملكية ترى ان تسليم السلطة في عدن لقادة حركة التحرير سيقضي على حلمهم في اخماد ثورة سبتمبر والنظام الجمهوري ودلالة ذلك واضحة ،وهي أن أشد المناهضين للثورة اليمنية والوحدة اليمنية كانوا يدركون ان ثورتنا واحدة وشعبنا واحد ووطننا اليمني واحد. وطول خمس سنوات من شرارة 14 كتوبر 63م تواصل الكفاح المسلح لابناء اليمن فاتنتصرت ارادة الجماهير اليمنية بإعلان استقلال المناطق الجنوبية والشرقية في 30 نوفمبر 1967. ورغم هذا الانتصار فإن الوحدة اليمنية لم تحقق فوراً في ذلك الوقت كما كان مؤملاً حيث كان للظروف الداخلية والخارجية السائدة دور كبير في ذلك. غير ان تلك الثورة المجيدة مهدت لتحقيق الهدف العظيم للحركة الوطنية اليمنية المعاصرة والمتمثل في تحقيق وحدة الوطن.. حيث جاء ميلاد الجمهورية اليمنية وتدشين التحول نحو الديمقراطية يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م ليسجلا نقطة تحول تاريخي في مسار الكفاح الوطني التحرري لنضال شعبنا ضد الاستبداد والاستعمار، ومن أجل الحرية والاستقلال والوحدة.