من أعظم الصفات والسجايا المغروسة في ذات وأعماق الشخصية اليمنية هي الإرادة ، فما من انتصار حققه شعبنا اليمني وعلى مدار التاريخ إلا وكانت الإرادة والعزيمة والاصرار تقف خلفه ، وتثبت دعائمه ، وترفعه عالياً ، وشامخاً ، ودائماً من يصمم على الانتصار يقترب جداً من النصر ، وينال النصر ، ألم يقل رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :«خير الأمور عوازمها» ؟! لقد أدرك شعبنا مبكراً أن التردد أكبر عقبة ، وحجر عثر في طريق النجاح.. وأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.. ولعل تلك الرحلة.. والخطوة الأولى تجسدت في انتصار الثورة اليمنية ، ونيل الاستقلال الوطني الناجز ، وقيام الجمهورية ، وإعادة منجز الوحدة اليمنية المباركة.. والمضي قدماً على درب الديمقراطية ، والبناء والتحديث ، قال المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وإن الله سبحانه وتعالى يحب المتوكلين :«فإذا عزمت فتوكل على الله ، إن الله يحب المتوكلين» صدق الله العظيم. والإرادة تجعل المرء لايلتفت إلى الخلف.. ولايرى الأمور عبر نظارة سوداء قاتمة ، إنما تفتح الأبواب المغلقة.. وتتأجج في الأعماق الثقة في النفس ، قال نابليون بونابرت: «من قال لا أقدر ، قلت له : حاول ، ومن قال : لا أعرف ، قلت له ، تعلم ، ومن قال : مستحيل قلت له جرب». ولاشك أن هذه الثلاثية ، حاول ، وتعلم ، وجرب ، هي مجداف سفينتنا اليمنية التي أبحرنا بها نحو شواطئ وبر ومرافئ الأمان.. وهي التي تدعونا أن نتأمل.. ونستقرئ أن الإرادة اليمانية جعلت من الإنسان اليمني يستفيد من كل قطرة ماء تجود بها السماء ، فكان سد مأرب العظيم.. أبرز عناوين الحضارة اليمنية .. وكانت الصهاريج ، وقنوات الري ، وشق المدرجات في الجبال وتحويلها إلى مساحات من الاخضرار زاخرة بالثمار. الإرادة التي جعلت في الإنسان اليمني يجعل من الطين اشكالاً وألواناً من فنون العمارة الأصيلة الجميلة.. نتباهى ونفتخر بها. الإرادة التي اخرجت اليمن من قمقم التخلف والجهل والمرض.. وذلك المجهول.. إلى اليمن المعلوم المتطور. ثم إن الإرادة والعزم والتصميم هي التي جعلت من أبناء شعبنا ينظرون إلى الأمام.. ولا يلتفتون إلى تلك القوى التي تحاول إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف ، فلا مستحيل عند أهل العزيمة والإيمان والحكمة.. ولامستحيل أمام القلب النشيط.. ولا مستحيل تحت الشمس.. والإرادة هي الاستجابة للقدر وعدم الخضوع له.. قال الشاعر: إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر