نكء الجراح ليس من الحكمة في شيء.. والابتعاد عن الموضوعية والعقلانية يؤدي إلى الضياع وتسيد الفوضى.. وبالمقابل التصالح والتسامح لا يجتمعان مطلقاً مع الدعوة إلى تلبيد الأجواء وتأزيم الحياة والسياسية والعامة والانقضاض على الوطن وتمزيقه.. منطلق الأعوج هو ذاك من يعتقد أن الشيء ونقيضه يجتمعان في مكان وموقع واحد.. منطلق الأعوج دائماً لا يخلو من الشرهدة التي تظهر صاحبها مدمناً على الحديث عن المسئولية، وفي الوقت نفسه يترك الوطنية جانباً كونه لا يفقه مفهومها ولا يستوعب مضمونها الأسمى ودلالاتها العظيمة. منطق الأعوج تائه على الدوام.. يتقفز يميناً ويساراً والنتيجة إعلان صريح عن معاداة الوحدة وسقوط مكشوف في الدرك الأسفل من الضحالة والوحل. منطق الأعوج.. يلبس اليوم ثوب التسامح، وينزعه غداً ليرتدي ثوب الإثارة وخلق الفتن والدعوة لتمزيق الوطن وإشاعة الفوضى وإقلاق السكينة العامة. ماحدث بالأمس في عدن ليس تسامحاً أو تصالحاً وإنما مؤامرة دبر لها في ليل، اتخذوا الاسم شماعة فقط للتعبير الصريح عن معاداة الوحدة وترديد شعارات انفصالية مناطقية مقيتة كما جاء في «الصحوة نت» التي قالت إن المشاركين رددوا شعارات وأغاني ثورية طالبوا فيها باستقلال الجنوب.. ورفع المشاركون علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وخارطة الجنوب مطالبين بثورة شعبية ضد ما أسموه باحتلال الجنوب ونهب ثرواته.. عوضاً عن قيامهم بإغلاق الطرقات وإحراق إطارات السيارات في شوارع مدينة الشيخ عثمان. كانت هذه المفاجأة التي بشر بها المنظمون لمهرجان الانفصال والانقضاض على الوحدة، وهيأوا له إعلامياً عبر الصحف الناطقة بلسان أحزاب اللقاء المشترك.. وهي المفاجأة التي صرح بها محسن باصرة رئيس الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك في حضرموت «للصحوة نت» قبل موعد انعقاد المهرجان بيوم واحد، وكان كما قال دافعنا للحضور والمشاركة في فعالياته!!. بمثل تلك الشعارات المناهضة للوحدة والداعية إلى تمزيق الوطن اختتم مهرجان «التسامح والتصالح» ورد المنظمون والمشاركون فيه الاعتبار لروح الوحدة وإصلاح مسارها!! واستطاعوا بالفعل أن يترجموا حرفياً معاني التصالح، ويزرعوها مسخاً في نفوس وقلوب أبناء وأسر ضحايا الانقلابات والعنف الدموي، التي سادت جنوب الوطن في العهد الشمولي الاشتراكي العفن وكانت آخرها الأحداث الدامية في ال13من يناير 1986م. أرادوه مهرجاناً لإعلان الانفصال وليس للتسامح والتصالح.. وذهبوا جميعاً يبتذلون تاريخهم في مدارات السفهاء.. أرادوه نسخة مصغرة لأحداث 13يناير 1986م.. وإعلان الانقلاب على الوطن.. أصحاب الموروث الصراعي والعقليات الاستئثارية المخدوعة تجمعوا معاً فابتذلوا شرف الكلمة ونهشوا عرض الوطن.. فما رأي قواعد حزب التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري فيما حدث؟ هل كان مهرجاناً للتصالح والتسامح أم مهرجاناً للدعوة إلى الفرقة والشتات والعنف والاقتتال؟!.. ألا ينبغي على قيادات أحزاب اللقاء المشترك «الوحدوية» أن تحدد موقفاً واضحاً إزاء ما يعتمل وما يحدث وما يرتكب من حمق وجرائم بحق الوحدة والثورة والوطن بأكمله..؟