في البدء:الهجرين مدينة عجيبة جميلة، تحمل صدى عطراً من تاريخنا يكفي أنها حاضرة الشاعر الكبير الفذ أمرىء القيس.. ذلك ان (دمون الهجرين) هي موطن آبائه وعشيرته وفيما يقول: تطاول الليل علينا دمون دمون إنا معشر يمانون وأنا لأهلنا محبون وهي ساحات أسماره وغاراته، يقول: كأني لم أسمر بدمون ليلة ولم أشهد الغارات يوماً بعندل وفي مدينة الهجرين يقف جبل (صيلع) وهو الجبل الذي جاء فيه خبر مقتل والد الشاعر أمرىء القيس، فقال قولته المشهورة: «تركني أبي صغيراً وحملني دمه كبيراً، اليوم خمر، وغداً أمر» وأنشد قائلاً: أتاني وأصحابي على رأس صيلع حديث أطار النوم عليّ فأفعما أما بعد: وياأيها الملك الضليل .. يدور الزمان ..ويظل المكان نفس المكان يحمل نبأ جديداً بمقتل وهدر وإزهاق دماء وأرواح لسياح بلجيكيين ، ومرافقين يمنيين ، ومن قبل قوى الإرهاب والإجرام وفي وضح النهار، ويأبون إلا ان يتطاول علينا الليل الدامس .. وأن يغتالوا الحب للديار والأهل..!! ياامرأ القيس ! هؤلاء يصرون أن يحملوا الوطن دماء بريئة.. ويخدشوا جماله، وأمنه، واستقراره، ووئامه.. وكبرياء نخيله.. وعظمة تاريخه..!! انهم يغتالون الفرح ..والشعر .. والابتسامة .. والأحلام الوردية .. ويعيثون في الأرض فساداً.. إنهم ليسوا منا.. ومن أثوابنا .. ومن أرق قلوبنا .. وألين أفئدتنا ومن صفحات تاريخنا... ومن ليالي اسمارنا وميادين غاراتنا. فأنت يا امرأ القيس .. ومن هنا.. ومن «دمون الهجرين» من هذه البقعة العاطرة بالماضي التليد، حملت إلى الدنيا تاج الشعر ..ومضيت .. وها أنت في رحلتك إلى الشمال تقول لرفيق دربك: بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه فأيقن إنا لاحقان بقيصرا وأما هم الذين أتوا إلى هنا .. وفعلوا فعلتهم الدنيئة فلم يخبروا الدنيا إلا عن ذاتهم الإرهابية.. وأياديهم الملطخة بالدماء..وأرادوا أن يلبسوا اليمن الجميل ثوب القبح.. فعفواً شاعرنا الملك، إن بقعتك هذه كانت وستظل وردة على خد المكان والزمان.. فمهما حاولوا أن يفرشوا على دروبها أصابع من الديناميت، فلن ترتد شظاياها إلا على وجوههم.. أما أنت ونحن فنسظل نقول: دمون إنا معشر يمانون وإنا لأهلنا محبون فبالحب وحده ننتصر على الإرهاب والإجرام.