كنا نظن بأننا وحدنا في هذه المعمورة نشكو ارتفاع أسعار القمح وتحول «القرص الروتي» إلى مايشبه عقلة الأصبع.. لنجد العالم من حولنا يشكو بحرقة أكثر منا ألماً.. فالمعاناة ليست حصراً على اليمن بل تعدته لتشمل دول لأول مرة نسمع آناتها وقرقرة بطونها خشية الجوع. في الوقت الذي أخذت كثير من الدول تسشعر الخطر كالمملكة العربية السعودية على سبيل المثال وليس الحصر، بعدما نفد مخزونها من الدقيق، وارتفع سعر الكيس إلى مائتي ريال، أي أحد عشر ألف ريال يمني، نجدنا نحن اليمنيين أصحاب نكتة مثل المصريين، عندما أعلنت الزراعة عن بدء موسم حصاد القمح في مدينة الحوبان، لا أقلل من شأن الخبر ولكنني تمنيت كغيري أن أشاهد تلك الحقول بأم عينيّ التي سيأكلها الدود، كي يطمئن قلبي بأن أبنائي من بعدي لن يموتوا جوعاً في هذه المحافظة وإن كان الموت عطشاً هو الأقرب إليهم.. ما شاهدته وأنا في طريقي إلى عدن عكس ذلك بل عجب العجاب، مزارع على جانبي الطريق حصدت القمح من جذوره وزرعت القات.. فهل كان الخبر يقصد موسم حصاد للقات..؟ لا أدري. ما أعلمه إن القات غزا أرضنا الزراعية وأحرمنا من صادرات البن، وكذا القمح الذي كانت اليمن من الدول المصدرة له حتى بداية السبعينيات وها نحن اليوم نطلق خبراً فرائحياً يعطي انطباعاً بأن حل أزمة القمح العالمية سيكون من اليمن وبالذات من الحوبان. إن الحرب القادمة - كما يراها العسكريون والسياسيون والاقتصاديون - لن تكون باستخدام السلاح النووي ولا الجرثومي أو البيولوجي بل ستكون حرب «خبز» وهي نبوءة لكيسنجر الذي قال: «لو أردنا السيطرة على العالم يجب علينا أولاً الشروع في السيطرة على رغيف الخبز». تلك النظرية قد تكون قابلة للتطبيق في جميع دول العالم باستثناء اليمن الذي لو أراد السيطرة عليها يجب أن يبني نظريته على القات الذي استعمرنا منذ قرون ويجرنا معه إلى الهاوية. اصحاب المفارش والعراك الدامي الباعة المتجولون اخذوا يقتطعون الطرقات ويبسطون عليها مقابل مبالغ زهيدة تدفع عرصة للبلدية أو التحسين الأمر الذي جعل الكثير من أصحاب المحلات التجارية والمطاعم يتأذون جراء تلك العشوائية إلى درجة أن المفرشين اخذوا ببضائعهم يسدون المنافذ على تلك المحلات مطالبات كثيرة رفعت من المتضررين إلى المجلس المحلي إلا انها قوبلت بأذن من طين وأخرى من عجين.. هؤلاء المفرشون يظنون انهم أصحاب حق «بفلوسهم» أي بالمبالغ التي يدفعونها وأصبح الطلب بفتح منافذ لاصحاب المحلات كي يتمكن الزبائن من التبضع وكأنها منازعة لهم في حق اكتسبوه من الاتاوات التي يدفعونها.. في الأمس شهد السوق المركزي بتعز عراكاً استخدمت فيها السلاح الأبيض خناجر ، صُمل ، كرد على جميل الشيباني عندما طلب من صاحب عربية فتح الطريق الذي اغلقت بسطة الخضروات بوابة المطعم ذلك الطلب تحول إلى عراك دام واعمال بلطجة عندما قام أكثر من عشرين شخص بالاعتداء على العمال.. قسم 26 سبتمبر لاحول له ولا قوة اقصى ما استطاع فعله القبض على شخص طبعاً بعد انتهاء العراك وسقوط الضحايا من الجرحى.. صحيح أن مدير القسم لسه جديد «لنج» إلا أن ماحدث يعتبر تحدياً لإدارته في هذا القسم ويبدو أن اصحاب المفارش ارادوا وضعه في الامتحان الصعب.