نعلم جيداً أن الارتفاعات السعرية المتواصلة التي تشهدها بلادنا منذ مايزيد عن العام إلى جانب بلدان عربية وأجنبية كثيرة ، أسبابها عالمية بالدرجة الأولى.. وليست «جرعاً» كما تروج لها أحزاب اللقاء المشترك في مهرجاناتها التخريبية ، أو في خطابها الإعلامي الذي يفتقد لأدنى حدود المسؤولية. وندرك يقيناً من خلال متابعاتنا المستمرة للمحطات الفضائية لاسيما منها العربية أن التضخم الحاصل الآن لن ينتهي سريعاً وقد يمتد لعامين أو ثلاثة أعوام قادمة.. وهو ماسيؤدي إلى زيادة الشكوى من الارتفاعات السعرية القاتلة ، إضافة إلى أنها ستبقى حديث المواطن في صباحاته ومساءاته حتى تتحقق أمنيته في تدخل الحكومات العربية ومنها بلادنا ، لوضع خطط إنقاذية سريعة تحميه من هذا الغول المفترس الذي لايرحم طفلاً أو شيخاً ولا يفرق بين الحلال أو الحرام.. حديث الارتفاعات السعرية الحاصلة يحمل نكهة خاصة في بلادنا دون بلدان العالم أجمع.. تجد المواطن يخوض فيه حد الهم والكربة.. وتجد المسؤول يغوص في بحاره دون أن يتمكن من اتخاذ اجراءات تكفل الحفاظ على ماء الوجوه عند حدوده الدنيا!!.. الكل يتحدث والكل يشكو..، والأسعار تتواصل في قذف حممها الملتهبة بلا رحمة ولا شفقة. المعنيون يتحدثون عن رقابة واجراءات تفتيشية متواصلة.. والأسعار تستمر في التصاعد.. بل إن المفارقات العجيبة الموجودة أن لكل بائع تجزئة أو تاجر جملة سعراً خاصاً.. يحدده هو بعيداً عن أية تدخلات لأجهزة الضبط والرقابة والتفتيش.. المعنيون يتحدثون عن تحديد أسعار الخبز والروتي وفقاً للأوزان.. والأفران والمخابز ترفض البيع بالكيلو بحجة عدم وجود الموازين أو لم تصلهم تعاميم من الجهات المختصة بعد!!.. المعنيون يتحدثون علانية عن دخول مواد غذائية استهلاكية مقلدة أو منتهية أو غير صالحة حتى للبهائم ولا ندري من المسؤول عن دخولها وبيعها في الأسواق جهاراً نهاراً أو من يحاسب من؟!.. المعنيون يتحدثون ويحددون ويوجهون ويهددون بالويل ثم الويل لكل من لا يشهر أسعاره أو يتلاعب بالأوزان.. والأسعار تستمر في التصاعد!!. وماذا بعد؟ هل انتهى الحديث.. أو بدت في الأفق بوادر لحلول لن نقول تعيد الأسعار إلى سابق عهدها بل توقف هذا التصاعد المستمر والتلاعب الحاصل في أوقات الناس؟.. نعم.. ارتفاع الأسعار أسبابه عالمية والقادم قد يكون أسوأ كما قلنا سابقاً.. ولكن هل انعدمت السبل لضبط ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية؟.. الحلول موجودة يا نحن يا أنتم.. وبعيدة كلياً عن عودة الدعم الذي يغضب البنك الدولي وينصب حكومتنا أيضاً.. الحلول تستدعي من الحكومة دون ابطاء أو تردد أخذ جانب الحزم والصرامة في التعامل مع المتلاعبين بقوت الشعب والمراهنين عليه.. الحلول تؤكد على الحكومة وتحتم عليها الضرب بيد من حديد على كل المقصرين في أجهزة الرقابة والمحاسبة والتفتيش عن أداء مسؤولياتهم بأمانة وصدق وممن تدفعهم ضمائرهم الميتة- إلى عدم محاسبة المغالين في الأسعار ،بل رفع تقارير كاذبة مفادها «كل شيء تمام»!!.. ينبغي أن تشعر الحكومة المواطنين بوجودها وتؤكد بأن حرية السوق لا تعني التلاعب بقوت المواطنين بقدر ما تعني ضبط الأسعار ومراقبة الجودة ، والأخذ بعين الاعتبار مستوى دخل الفرد.. وجود الحكومة وأجهزتها التنفيذية وفرض هيبة قراراتها جزء من الحلول المطلوبة للتخفيف على المواطنين من التلاعب بأقواتهم..، ولمنع الزيادات المستمرة وغير المبررة في الأسعار.. فهل تكشف الحكومة عن نقابها وتعمل بجدية مطلقة لتنفيذ قراراتها في هذا الشأن.. أم تظل متفرجة وكأن الأمر لا يعنيها!؟.