الذين يكذبون في الأول من ابريل يعتبرون ذلك في إطار الكذب الأبيض، مع ان بعضه أسود قاتم يقود إلى كوارث ماحقة!.. في نظري أن الذي يكذب مرة في السنة يظل أقل ضرراً من كثيرين يعيشون على الكذب طيلة أيام العام، وبعضهم لا يطيب لهم مقيل أو طعام إلاَّ إذا كان الكذب لصيقاً بكل تفاصيل حياتهم اليومية!. وأعرف صديقاً عزيزاً ما أن تطأ أقدامه خارج المنزل صباحاً حتى يبحث له عن زميل لمرافقته في مشاويره، حيث يستعين بهذه الرفقة لتمرير أكاذيبه وإعطاء شهادة الجودة والمصداقية، فإذا ما سأله أحدهم عن غيابه طيلة الفترة الماضية أجابه بكل ثقة: إنه كان في الخارج بتكليف رئاسي أو حكومي!!. وعندما يبدأ الشك يساور السائل يسارع صاحبنا إلى تربيت كتف زميله المرافق وهو يفاجئه متسائلاً: - أليس صحيحاً أنني كنت مكلفاً في مهمة خارج الوطن الأسبوع الماضي؟!. ولا يجد رفيقه غير مجاراته (محرجاً) هازاً رأسه على صحة الكذبة. وما أن تمر الكذبة الأولى حتى تلحقها أخرى، وعندما يبدأ رفيق الجولة الصباحية التبرم يقول له صاحبنا ضاحكاً: - وأنت ما عليك.. خلينا نكذب شويه؟!. وشاء القدر ذات يوم أن يستعين الرجل بزميل (قليل حياء) وكان كلما كذب كذبة جاءت شهادة الرفيق بنفيها، وليس تأكيدها.. وهكذا على امتداد الطريق، ولما استبد الحنق بصاحب الكذب الأبيض ازبد وكشّر في وجه رفيقه قائلاً له والشرر يتطاير من عينيه: - خلينا نكذب يا حمار!!. وعلى ذكر ذلك فإن أكثر ما نقرأه اليوم في صحف الإثارة السياسية إنما يدخل في باب الكذب الخطر، فلقد قرأت ذات مرة في إحدى الصحف عنواناً بارزاً يقول: - حرب قبلية بين «الحيمة» و«بني مطر» تخلّف مئات القتلى!. وعرفت بعد ذلك من صديقي الصحافي الذي كتب العنوان أن مصدر الخبر استقاه من قصة جاره الذي أطلعه بأنه مسافر على وجه السرعة إلى الحيمة لأن زوجته حانقة في بيت أهلها «ببني مطر»!. واختتم صديقي الصحافي تبريراً لكذبته بالقول: أيش نعمل.. سوق الكذب رائج هذه الأيام؟!. وبالنظر إلى ما نقرأه على صدر صفحات بعض الصحف الأهلية والحزبية هذه الأيام من أخبار تقشعر لها الأبدان تظهر بأن موسم الكذب قد أطل وأزهر وبصورة خطيرة!. بالتزامن مع (الأسبوع)