كثيراً ما تطرح مسألة السدود والحواجز المائية للاستفادة من مياه الأمطار لتغذية المخزون المائي الذي لحقه الاستنزاف الجائر جراء الحفر العشوائي للآبار واستمرار المزارعين في إعطاء وإرواء شجرة القات الأولوية حتى لايحرم الموالعة من تخزينة «عرمرمية»..وكي يستمر تدفق الأموال إلى جيوبهم ولو كان على حساب موت المواطنين عطشاً..وهذا تسبب في تفاقم أزمة المياه التي بدأت تطفو على السطح، وكأن الحلول غابت عنها. نحن في مدينة تعز لسنا ببعيدين عن الأزمة التي أصبحت جزءاً من ثقافتنا وثقافة المقايل.. سؤال دائماً نكرره أينما ذهبنا أو حللنا.. «أجاء الماء عندكم؟!لتأتي الإجابة بالنفي.. ولو سئل أي مواطن عن مشاهدته للماء متدفقاً كالسيل في شوارع وحارات تعز لكانت الإجابة بالإيجاب، حتى أننا في تعز مطالبون ليس في إقامة سدود في الأودية أو في مجاري السيول المتدفقة من الأمطار، بل في الشوارع لنحجز ماتيسر من ماء المشروع الذي تغتسل فيه كل يوم الطبقة الأسفلتية المتهالكة جراء تفجر المياه من المواسير تحتها، لنزداد حسرة عند مشاهدتنا خزانات المياه في منازلنا خاوية على عروشها، إلا من الأملاح، حيث تتضح لنا ملامح الصورة المتناقضة المؤلمة ..«خزاناتنا مليئة بالأملاح.. والمياه تسيل انهاراً في الطرقات»!! وأعتقد لو أن هناك دولاً مانحة عزمت على تقديم دعم بالدولار لحل مشكلة المياه في تعز، وشاهدت المياه تتدفق في شوارعنا لظنت أنها في مدينة عائمة على حوض مائي تتفجر منه العيون، ولما خطر ببالها أن تلك المياه التي تذهب سدى إنما هي بسبب انفجارات شبكة المياه الجديدة. الأزمة في تعز معقدة جداً، ومايزيدها تعقيداً عدم التعامل الجاد والمسئول من الجهات المختصة معها، وإذا كان الترشيد مطلوباً من المواطنين، فإن الترشيد نفسه مطلوب من مؤسسة المياه في إصلاح الشبكة التي يفترض أنها حديثة لوضع حل لتسرب المياه التي تظل تأخذ طريقها يومياً على مرأى الناس العاطشين ولساعات في شوارع المدينة، وسيارة الطوارىء مركونة جوار مبنى المؤسسة وكأنه ليس لها «لزمة».