أقضي بضعة أيام في الحديدة .. المدينة، عروس ساحلي جميل لولا الصيف اللاهب الذي يشوي الوجوه.. بكل موضوعية كان الله في عون الناس مع كل انطفاء للكهرباء..حيث لكل إطفاء مابعده من المكابدة الصارخة والموجعة.. المسؤولون عن عرض المسلسل الكهربائي بحلقاته الممتدة إلى ملايين الأيام يبالغون في فترات وعدد مرات الإطفاء وكأنهم يختبرون السكان في مادة الصبر الذي ليس له مفتاح.. في صنعاء مثلاً تنطفىء الكهرباء فينشغل سكانها بالبحث عن الشموع لتلمس مقاعد أقدامهم وطرق الوصول إلى مخادعهم.. وقد يتعطل جهاز كهربائي ويتوقف جهاز كمبيوتر وما إلى ذلك من أمور العيش المتصلة بالكهرباء.. أما في الحديدة فإن انطفاء الكهرباء يعني «الاسطلاء» في حرارة لاترحم.. وحدهم من فتح الله عليهم بإمكانية إيصال الكهرباء من أكثر من خط أو الذين يمتلكون مولدات احتياطية ومكيفات في أماكن تحركاتهم وثباتهم يغيب إحساسهم بأوجاع الحزيران وآب اللهاب وبقية الأيام الحارقة. ولو كان الأمر الكهربائي بيد عاقل «رحيم» قادر على الإحساس بالوجع العام لانتهى هذا الإحساس بمنع إطفاء الكهرباء على المناطق الساخنة وتخفيض تسعيرة الاستهلاك الكهربائي إلى أدنى حد مع العمل على تسهيل حصول المواطنين على مكيفات بأسعار محتملة وبالتقسيط. ليس في الأمر مزايدة أو مناقصة.. لكن «الراحمون يرحمهم الرحمن».