في بيروت «البلد الديمقراطي الأول في الشرق الأوسط» اتحاد اسمه (اتحاد الأفران) أي اتحاد أصحاب المخابز، هذا الاتحاد من حقه أن يحمي أفراده الخبّازين ويحقق مصالحهم، فلا يرتفع سعر الخبز إلا بإذنه، ولا ينقص إلا بإذنه أيضاً. وفائدة الاتحادات والنقابات هي أنك تستطيع أن تحدد جهة مسؤولة عن شيء، وكنت أتمنى أن يوجد مثل هذا الاتحاد في بلادنا، فلكل مخبز حق الحرية في رفع ثمن الخبز، وزيادة وزنه أو نقصانه كما يشاء صاحب الفرن أو المخبز، وليس هناك جهة محددة لا لتنصفك بالقانون ولا لتتفاهم معها باعتبارها طرفاً فتصل مع تلك أو هذه إلى حل. والحق أن النقابات موجودة في بلادنا، فما من شيء إلا وله نقابة، هناك نقابة التجار، ونقابة الجزارين، ونقابة المياه والكهرباء والطماطم والبطاطا، ونقابة الأفران أو المخابز، ونقابة القات والسمك والحبوب وما شئت أن يباع ويشترى. كما أن هناك نقابات لمزايدين أدعياء الوطنية، ونقابة للمتحزبين، ونقابة للفساد؛ غير أن هذه النقابات لا شأن لها بالمواطن الذي ليست له نقابة غير نقابة وزارة التموين التي “ترحم الله” وهي محتاجة أن نزودّها بالدعاء في ظهر الغيب!!. أقول: توجد نقابات ولكن فيما بينها، فالتجار لهم نقابة يرفعون الأسعار كما يريدون، وتجد أن الله قد جمع كلمتهم، فهم موحدو الكلمة، تكفي رنة اتصال ليصير الذي بريال بمائة ريال، والذي بألف بعشرة آلاف، هكذا دفعة واحدة. ثم لا تجد سعراً يختلف في كيلو اللحم الذي ارتفع فجأة وفي الثانية بين جزار وآخر، وهكذا يفعل صاحب القات، وهكذا في مجال - كما قال آخر- في موطن القضاء والشرطة، فالمنطق- كما يزعم هذا منطق واحد. النقابات إذن موجودة، ولكنها تحمي أصحابها وحسب، والمواطن وحيد موحد بلا نقابة، غير أنه أحياناً يلجأ إلى الصحافة، فيفرغ بعض شجونه على صحفها، فيجد بعض الراحة، ولما لجأت الصحافة نفسها ليكون لها نقابة وجدت أنها هي الأخرى تعيش تفاعلات سلبية، لأن بعض منسوبيها يريد كل واحد أن يكون نقيباً، وهكذا حب الرئاسة والسلطة طبع بشري، مركوز في فطرة الإنسان!!.