رغم اقتران الاغتراب بالأوضاع الاقتصادية للبلد المصدّر، إلا أن تقنينه في بلد مثل مصر حوله إلى رافد وطني يؤمن ما يقارب ربع موارد الميزانية الحكومية.. فياترى هل يمثل أي نسبة في الموازنات المالية اليمنية !؟ قبل يومين تلاقفت وسائل الإعلام تصريحاً لوزير الخارجية حول عزم وزارته ووزارة المغتربين تشكيل «لجان حصر» للمغتربين اليمنيين فتذكرت أن نفس التصريح تماماً ورد على لسان وزير المغتربين السابق، الدكتور صالح سميع في شهر مايو من العام الماضي 2007م، وهو في الأصل توجيه فخامة رئيس الجمهورية إبان زيارته للولايات المتحدة قبل ذلك التاريخ بأشهر. منذ أن أعيد فصل وزارة المغتربين عن الخارجية وحتى اليوم لم يتحقق شيء من الوعود، ولم يطرأ أي تغيير على أوضاع المغتربين، ولو قيد أنملة.. فتصريحات الوزير السابق نعيدها في عهد الوزير الجديد، ابتداء من لجان الحصر، إلى مكاتب المغتربين في دول المهجر، ثم مدارس الجاليات، ودعومات الجاليات التي مازالت محتجزة لدى وزارة المالية لأن الوزارة المختصة «المغتربين» عاجزة عن استيفاء البيانات المطلوبة.. بينما نجحت وزارة الداخلية في فتح مكاتب إصدار وتجديد جوازات السفر في معظم دول المهجر، وفي غضون أربعة أشهر من توجيهات الأخ الرئيس..! يبدو لي ان وزارة المغتربين غير مدركة إطلاقاً لحقيقة أوضاع الجاليات في الخارج، وحساسية المرحلة الحالية بالنسبة لليمن في ضوء ما هو قائم من أنشطة سياسية مناهضة، وتعبئة مناطقية ومذهبية، وأطراف دولية حاقدة على اليمن تمطر بأموالها على كل من هب ودب لتأزيم الأوضاع وإشعال الفتن.. لذلك خذلت الجهود الوطنية التي حملت مبادرة توحيد الجاليات في الولاياتالمتحدة، والتي بدأت بندوة في صنعاء «قاطعتها» ثم تطورت إلى لجنة حوار داخل أمريكا لم تجد أي دفع من قبل الوزارة فباءت مبادرتها بالفشل. والحال نفسه تكرر مع المؤتمر الأول للجالية اليمنية في بريطانيا منتصف الشهر الماضي والذي قاطعته أيضاً الوزارة، فلجأت الجالية إلى وزير الأوقاف الذي وافق على الحضور ثم اعتذر قبل «24» ساعة من موعد المؤتمر، فتولى رعاية المؤتمر عمدة مدينة «برنجهام» .. فكيف للمرء ان يتخيل جالية تعتز بحكومتها وتتوسل حضورها، لكنها تخذلها، متجاهلة ان بريطانيا مركز أكبر نشاط سياسي مناهض لوحدة اليمن !! اليوم يتم استغلال كل هذه المواقف، والوعود التي ذهبت مع الريح، والتوجيهات الرئاسية التي لم ينفذ منها شيء خاصة ما يتعلق منها بتعليم أبناء المغتربين، وتذليل الصعوبات والفراغ الرسمي الذي خلفه غياب المسئولين الحكوميين.. كلها تستغل في تعبئة سلبية وتحريضية للمغتربين على دولتهم من خلال غرس الإحباط في نفوسهم.. لا شك أن وزارة المغتربين لا تتحمل وحدها المسئولية فهناك ظروف قد تخلي مسئوليتها أيضاً، إذا ما علمنا أنها وزارة بميزانية لا تستحق الذكر رغم ان نشاطها مع الخارج.. كذلك إذا علمنا ان موظفي هذه الوزارة هم الوحيدون الذين لا يملكون مخصصات أو بدلات تضاف إلى مرتباتهم أسوة بالوزارات الأخرى.. بل إنهم لا يمتلكون حتى وسائط نقل، فيما أثاث الوزارة قديم، ومخجل للغاية أمام الضيوف والمراجعين الذين لا يجدون محلاً للجلوس !! ومع انها وزارة تحتاج لشبكة إعلامية كبيرة لمد الجسور بين الداخل والخارج، إلا أن أحداً لن يصدق ان جهوداً ذاتية أسست موقعاً إلكترونياً للوزارة، وتعمل على تشغيله بدون ميزانية، ويجتهدون في تقديم كل شيء كما لو كان الموقع شخصياً وليس ممثلاً لوزارة ودولة لها من الإمكانيات مالها. فياترى هل مجلس الوزراء أخذ هذه الحسابات بنظر الاعتبار ؟ وهل يعلم بأهمية دور هذه الوزارة وأنها يمكن أن تجعل من المغتربين أحد أهم روافد ميزانية الدولة إذا ما توفرت لها إمكانيات العمل ؟! فهلا تذكرت الحكومة ما قاله أجدادنا «مايضوي بالميّه إلا من سرّح التسعين» !!