على ما أذكر - إن لم تخني الذاكرة - أن المحافظ الأسبق الأستاذ عبدالقادر هلال، عندما همّ بإعداد وتهيئة مدينة المكلا لاستقبال العيد الوطني الخامس عشر «22مايو 5002» وتحديداً في الأسبوع الأول من مايو عام 4002م، عهد إلى الأخ الدكتور عبدالعزيز جعفر بن عقيل المدير العام لمكتب هيئة الآثار والمتاحف بالمحافظة تشكيل لجنة من الفنيين والمعماريين «المعالمة» والباحثين المهتمين بالفن المعماري القديم ومن ضمنهم الأستاذ بدر جعفر بن عقيل رئيس تحرير العزيزة «شبام»، لوضع تصور بكيفية إبراز جماليات البناء المعماري القديم للمكلا، والحفاظ على معالمها التاريخية. وأتذكر أن البند الأول في التصور الذي وضعته هذه اللجنة يقول بضرورة تشكيل مجلس لحماية وصيانة مدينة المكلا القديمة، وإنشاء صندوق دعم خاص بهذا المشروع. ولصوابية هذا الرأي وأهميته عهد الأخ المحافظ إلى رئيس اللجنة بوضع تصور بعضوية ذلك المشروع وهذا الصندوق، على أن تنجز اللجنة ماجاء في تصورها الرئيس، فكان أن عملت اللجنة جاهدة طوال عام كامل على الإشراف لإعداد وتهيئة وتزيين المدينة لتقدمها وهي تستقبل العيد الوطني ال«15» عروساً فائقة الجمال في ثوبها الأبيض الناصع المصنوع من الكلس الجيري «النورة»، وحزامها المكون من نقوش ومعالم مينائها القديم «الفرضة»، وتاجها المكون من سلسلة «الأكوات» التي يسطع لونها ببياض «النورة» صباحاً وبالأنوار الكهربائية ليلاً.. وبعد انفضاض ذلكم العيد، كلف الأخ المحافظ المجلس المحلي بمديرية المكلا بمواصلة الحفاظ على ما أنجزته اللجنة، وتنفيذ توصياتها بشأن تشكيل مجلس حماية وصيانة المدينة وإنشاء صندوق الدعم المقرر لها، وإلزام أصحاب أي بناية جديدة يتم إنشاؤها على واجهة المكلا القديمة بأن تطلى باللون الأبيض، مع تشديده على عدم المساس بالمعالم الآثارية القديمة للمدينة ومنها ماتبقى من معالم الميناء القديم «الفرضة» وسدنه الشهيرة. ذكرني ماتقدم بالموقف المسئول للأستاذ سالم أحمد الخنبشي - محافظ حضرموت- حيال ماتبقى من معالم الميناء القديم وتوجيهاته بعدم المساس بها؛ لأنها واجهة بحرية للمدينة تدل على عراقة وقدم الميناء الذي كان هنا ثم انتقل إلى خلف، هذا الموقف المسئول أثار استياء القائمين على مركز عمر للدراسات، والذي يحتل حيزاً من تلك المعالم عندما اعترض على فكرة تهديم ذلك المعلم وبناء المركز الجديد على أنقاضه. وفي تحليلي أنه يفترض بالقائمين على مشروع مركز للدراسات والبحوث التاريخية كهذا أن يكونوا في مقدمة المعترضين على هدم معلم تاريخي قديم كهذا، هدمت أجزاء منه في غفلة من الزمن. كما أنه حري بهم أن يتفهموا موقف الاستاذ سالم الخنبشي ويحترموا اهتماماته التاريخية والتراثية وهو مؤلف الكتاب الشهير ب«حارات المكلا»، وأن يناقشوا معه أفضل السبل للحفاظ على ماتبقى من هذا المعلم وإنجاز مشروعهم في موقع آخر. ويبقى السؤال العريض القائل : أين مجلس حماية وصيانة المكلا القديمة ؟! والإجابة عنه لاشك ستقطع الطريق أمام إشكالات أي مشروع لبناء جديد يمس أو يخدش جماليات ومعالم هذه المدينة العريقة، فهل يحسم الأستاذ الخنبشي هذه الإشكالية ويشكل المجلس ؟! نأمل ذلك؟