معجزة الإسراء والمعراج، مناسبة لتذكير المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بثلاث حقائق كبار تتصدر حقائق كثيرة: 1 أن هذه الأمة الإسلامية شرّفها الله جل في علاه بأعظم رسالة هي رسالة الإسلام الخاتم، اختص لتبليغها أشرف رسول وأكرم نبي هو سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام الذي أخذ الله له العهد من الأنبياء ولما يزالوا في عالم الغيب، بالإيمان به والانتصار له. 2 أن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كان أول بشر يصعد إلى السماء جسماً وروحاً ويخترق السبع الطباق؛ فكان قاب قوسين أو أدنى، وبينما يعتذر طاووس الملائكة وأمين وحي الله سيدنا جبريل عن مواصلة السير صعوداً؛ يتقدم السيد الأكرم نحو الأعلى مؤيداً بمعية إلهية وقدرة ملكوتية ليرى من آيات ربه الكبرى. 3 أن المعراج كما هو روح هو مادة، وفي ذلك توكيد إلى أن الإسلام شريعة وحقيقة، حس ومعنى، فلا إغراق في المادة؛ لأن الإنسان ليس حيواناً مجرداً، ولا إغراقاً في الروح لأن الإنسان ليس ملكاً؛ وفي هذا دعوة سماوية إلى الوسطية والسماحة وإطراح الغلو والتطرف. إن للإسراء والمعراج دروساً لابد أن يفقهها الإنسان المسلم؛ لأنه الوحيد الذي يعنيه هذا الأمر، ومن هذه الدروس أن عناية الله إذا لاحظت العبد فإنه لا يقدر عليه أحد، ولن يضره أحد، ولن يخاف أحداً، وأنه سينتصر بالله وسيرزقه الله وسيلطف به الله. لقد جاءت معجزة الإسراء والمعراج دعماً لهذا النبي اليتيم الذي خذله القريب وآذاه الغريب، وبينما وقف وحيداً يحيط به بحر من الظلام وعام من الكفر ليقول: «قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعبدون». كان لابد أن تتدخل العناية الإلهية بالنصرة والتأييد ليشاهد القدرة المطلقة في سماوات الله، ليقوى إيمانه بالله ويثبّت فؤاده على الحق. ومن هنا يتعلم المسلم أنه ليس وحده في هذا الكون، فعليه أن يبلّغ دينه بثقة، ويدعو إلى الله باعتدال ويصبر على المكاره. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، آمنا بربك وصدقّنا بنبوءتك، وعلى العهد معك سائرون.