تحية لهذا النبي الكريم والرسول العظيم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم في أعز مناسبة وأكرم معجزة. تحية له من المولى حين كرم نزله وشرفه بالعروج إليه برؤيته تعالى عند سدرة المنتهى إذ يغشى السدرة ما يغشى. تحية له وجبريل الرسول الكريم الذي شرفه الله بأن جعله روح القدس، يمسك بزمام البراق الذي يركبه سيد الكونين عليه صلاة الله وسلامه، فيعتذر لسيدنا محمد بعدم استطاعته تجاوز السماوات الأعلى بقوله تعالى: «وما منا إلا له مقام معلوم». لقد كانت رحلة المعراج في هذا الشهر رجب المعظم معجزة إسلامية كبرى.. والمعجزة هي خرق العادة على سبيل التحدي، وصعود الرسول إلى السماء الأعلى هو تشريف لرسالة الإسلام؛ التقاء السماء بالأرض، الغيب بالحضور، تكريم لهذا النبي الذي كذبه قومه حسداً من عند أنفسهم، فهو فقير يتيم، لكنه غني بالله، صادق القلب واللسان. كأن هذه الرحلة السماوية نيل للشرف الأعلى لتكون آخر وخاتم الرسالات، مواساة لرسول الله، وتثبيتاً لقلبه الطهور الأنقى والأطهر.. أبعد هذا التشريف والتكريم منزلة، أبعد هذه المعجزة الكبرى معجزة ؟!. لقد زاد الكفار بهذه المعجزة التشريفية حقداً وبهتاناً وحسداً، فهم لم يؤمنوا ينكرون عليه أن يكون نبياً في الأرض؛ فهل يذهب في دعواه إلى أنه يصعد إلى السماء؟!. إن آيات الله مبثوثة في الكون، وأعلى هذه الآيات على الإطلاق هي خلق الإنسان، الذي يكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم إنساناً يقاتل ويسالم ويعمر الكون.. أليس الله الذي خلق الإنسان على هذا النحو من الإعجاز المبهر قادراً على أن يلغي الزمن ويخرق ناموس الأكوان ؟!. أما المؤمنون الذين قذف الله في قلوبهم الإيمان فلم يستغربوا ولم ينكروا.. وها هو سيدنا الصديق ابوبكر يقول رداً على عجب قريش: والله لئن كان قال هذا فلقد صدق.. إنا لنصدقه في الوحي يأتيه من السماء !!. إن الإسراء والمعراج تثبيت للمؤمنين رسالة الإسلام إلى يوم القيامة، وهذه المعجزة من خصائص هذه الأمة المحمدية المحفوظة بحفظ الله تعالى. إن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر تزيده هذه المعجزة سلاماً وأماناً وحباً لله ولرسوله.. لقد اختص الله أشرف الخلق سيدنا محمداً عليه الصلاة والسلام بمقامات عظيمة وأحوال رحموت لا تعد ولا تحصى من بينها الإسراء والمعراج. ولقد صدق الله حين قال يمتن على هذا الحبيب: «وكان فضل الله عليك عظيما» فتحية لسيدنا رسول الله.