تصادف ليلة السابع والعشرين من شهر رجب مناسبة عزيزة على قلب كل مسلم.إنها إحدى معجزات رسولنا الأعظم محمد بن عبد الله (صلوات الله وسلامه عليه) إنها ليلة الإسراء والمعراج,ففي هذه الليلة اُسري بسيدنا محمد روحا وجسدا من مكة إلى بيت المقدس ثم عرج إلى السموات العلى ..عن هذه المناسبة.. دلالاتها ودروسها وعبرها جمعناها ممن كان لهم شرف الحديث عن هذه المعجزة... لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب الناس إليه .. هكذا قال رسول الأمة عليه أفضل الصلاة والتسليم . ومحبته لها أساليب وطرق عديدة ولعل منها استذكار مآثره ومعجزاته ولعل (حادثة) الإسراء والمعراج إحدى أهم المعجزات,استذكار هذه المعجزات ليس فقط بسردها بل بفهم مافيها من دروس وعبر ومعان ودلالات.الاحتفال بهذه المناسبة يأخذ طريقاً شعبياً أكثر مماهو رسمياً وتحديداً منذ بدء مغيب شمس يوم السادس والعشرين فبعد صلاة المغرب يبدأ في مساجد مدينة المكلا وتحديداً في جوامعها تجمع المصلين بعد صلاة المغرب مستمعين الى خطيب المسجد وهو يروي هذه الحادثة العظيمة بالتفصيل عارضاً مكارم الرسول الأعظم ويظل الناس في المسجد كذلك حتى صلاة العشاء.. منزلة عظيمة.. مكانة أعظم أول المتحدثين الأخ ياسر أحمد عوض عضو الهيئة التدريسية بجامعة حضرموت كلية التربية قسم الدراسات الاسلامية: أولاً - هنيئاً لهذه الأمة أن اصطفاها الله لتكون أمة الاسلام وهنيئاً لها أن بعث فيهم رجلاً لم تلد مثله أم، هنيئاً لها خير البرية حبيب الله سيدنا محمد ابن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأفضل التسليم..مكانة هذا النبي عن البارئ لها صور عديدة وجليلة لعل من بينها ماكان في حادثة الإسراء والمعراج تلكم الآيتان العظيمتان.. وهما رحلتان عظيمتان, وقد أشار القرآن إليهما في سورتين مختلفتين.. والإسراء كان روحاً وجسداً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى راكبا البراق، صحبه جبريل عليه السلام فنزل هناك وصلى بالانبياء إماماً.ولا اختلاف كبير في ذلك,اما المعراج فهو ما أعقب هذه الرحلة من الارتفاع في طبقات السموات حتى الوصول الى مستوى تنقطع عنده علوم الخلائق. وفي ذلك خلاف هل كان روحاً أم روحاً وجسداً.وللاسراء حكم متعددة من بينها اطلاع الرسول عليه السلام على المظاهر الكبرى التي تزيد المؤمن ثباتاً في إيمانه وتمسكه بتعاليم دينه وترهيباً للفاجر من عذاب الله وسوء الخاتمة مثل اكلة أموال اليتامى واكلة الربا والزناة، الجنة والنار, وفي هذه الحادثة ووصف الرسول للمسجد الأقصى وإخبار عير قريش نتيجة عظيمة لصدق نبوته فملأ قلوب المسلمين ثقة وزعزع قلوب الكفار وعقيدتهم.حيث طلب الكفار من الرسول أن يرقى في السماء,وفي هذه الحادثة أيضا تلميح لأواصر القربى بين الانبياء كافة وهذا المعنى من أصول الاسلام,وفي ليلة الإسراء والمعراج تأكدت الصفة الأولى لهذا الدين وهي أنه دين الفطرة فسلامة الفطرة هي لب الاسلام فيستحيل ان تنفتح أبواب السماء لرجل فاسد بل وصل الرسول الى سدرة المنتهى وهذا دليل على سمو منزلته وصفاء فطرته,وفي المعراج شرعت الصلوات الخمس والصلاة عمود الدين وهي طهور كما جاء في السنة,ويقال سمي أبوبكر رضي الله عنه صديقاً لتصديقه هذه الوقعة حين كذبه الناس. إن الإسراء والمعراج وقعا للرسول صلى الله عليه وسلم بشخصه في طور بلغت الروح فيه قمة الإشراق وخفت فيه كثافة الجسد حتى تفصى من اغلب القوانين التي تحكمه.واستكناه حقيقة هذه الرحلة وتتبع مراحلها بالوصف الدقيق مرتبط بإدراك العقل الإنساني لحقيقة المادة والروح وما أودع الله فيهما من قوى وخصائص.والكشف عن منزلة سيدنا محمد ليس مدحاً يساق في حفل تكريم بل هو بيان حقيقة مقررة في عالم الهداية. استنهاض للهمم زين محمد العيدروس مرشد ديني (إمام وخطيب): الإسراء والمعراج آيتان من آيات الله الكبرى الأولى مسراه عليه السلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهذا ثابت بنص القرآن فيكفر منكره والثانية عروجه إلى مافوق السموات العلى.فكانت الحادثتان في ليلة واحدة واستقر رأي الأغلبية على أنها ليلة السابع والعشرين من رجب ويؤيده في ذلك انه ورد في صيام هذا اليوم انه يعدل صيام ستين يوما أو ستين شهرا كما أشار إلى ذلك الشيح محفوظ الحداد في كتابه (التوعية الدينية عن طريق الخطب الشرعية) ويذكر محمد الكوثري في كتاب (مقالات الكوثري) في شأن الاختلاف متى كان ليلة المعراج فيرجح انها كانت نفس ليلة الإسراء بناء على ترجيح النووي وهذا ماذهب اليه ابن الأثير والرافعي . وفي كل عام يأتي الحديث عن هذه المناسبة ويكثر تناولها ويعجز الكلام عن الوفاء بوصف هذه الحادثة العزيزة علينا جميعاً وقد كانت هذه الحادثة في وقت عصيب تمر به الدعوة الإسلامية وقت تعالت فيه صيحات الضلال والوثنية فكان الإسراء والمعراج تثبيتاً لكلمة (لا اله إلا الله) الذي لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء يسري بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ويعرج به إلى السموات في لحظات.وبالتالي كان ذلك انتقالاً بهذه الدعوة من مرحلة الضعف إلى مرحلة النشاط ومن بؤرة الاستضعاف إلى قمة السمو والرفعة,فيجب أن يستفيد المسلم في حياته فلا يركن إلى الضعف ولايخنع للشهوات فيرتقي بإسلامه ليخرج الأمة من طور التخلف إلى مستوى الدول المتقدمة.وتعرج نفسه الى قمم المعرفة دون أن ينسلخ من دينه.كما إنها تحيي في نفوس المسلمين مشاعر الهمم وتبعث فيهم العزيمة. والاحتفاء بذكرى الاسراء والمعراج يذكرنا الله سبحانه وتعالى عن بيت المقدس حتى تمكن الرسول من وصفه وصفا دقيقا فتعجبت قريش من ذلك النبأ المطابق للواقع فانكشف كفرهم وبالمقابل زاد إيمان المسلمين,كما إن فيها اعتبار للصحابة وللمسلمين بما حدث به الرسول الأعظم من مشاهدات في ملكوت السموات. ومن أهمها فرض الصلوات الخمس فأصبحت معراجاً معنوياً لهم.وظهرت قيمتها ومكانتها حيث شرعت في السماء فأصبحت خمساً في الأداء وخمسين في الأجر بالإضافة إلى لقائه عليه الصلاة والسلام أنبياء الله عليهم السلام وإشعاره بتفضيله على كافة رسل الله وأنبيائه وتقديمه عليهم فهي درجة من درجات التكريم ووسيلة من وسائل التثبيت ولون من ألوان الاختيار الإلهي.وأعود وأقول إن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة واجل التسليم رأى في السموات من الأمور التي لايقدر على تحملها إلاّ هو صلى الله عليه وسلم كما رأى من آيات ربه الكبرى.بشائر أخرى تهز القلوب الطاهرة لهولها.وظهر في المعراج أدب الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ان بصره لم يزغ ولم يطغ على ماحوله (مازاغ البصر وماطغى) وبالتالي فنحن بحاجة للأدب بعدم مد البصر الى مافي أيدي الناس اقتداء برسول الله وطاعة لله عز وجل. إن ذكرى الإسراء والمعراج عندما تمر بالمسلمين تذكرهم بأنهم ورثة النبي الهادي في حمل أمانة هذه الرسالة وتبليغها وإيصالها عقيدة وتصرفاً لجميع البشرية وهذه الذكرى كغيرها من الذكريات والمناسبات كالهجرة الشريفة وغزوات الرسول عليه السلام والفتوحات وغيرها يجب ان تمر بالمسلمين وترفع معنوياتهم وهممهم في هذا الزمن. فرح واعتزاز سالم العكبري (موظف): في صغري ومنذ نشأتي لم تمر هذه الليلة مرور عابر السبيل.كنت كغيري من أترابي أتحراها وأمد الشوق إليها فأحرص على حضوري مبكرا إلى المسجد قبل مغيب شمس اليوم وأظل معتكفا في باحة المسجد مستمعا إلى الشيخ وهو يروي قصة الإسراء والمعراج وأظل متابعاً شغوفاً كأني اسمعها لأول مرة مع أنني اسمعها كل عام أكثر من مرة.وشعوري لايوصف وأنا أغادر باب المسجد حيث تغمرني أحاسيس ومشاعر مختلفة ولكنها متفقة (فرح,سرور,افتخار,إجلال)وليس على لساني غير كلمة ماأعظمك شأنك يارسول الله!.كنا كذلك. أما الآن فإن الاحتفال بهذا اليوم عند البعض أصبح غير وارد حيث تمر هذه الليلة ككل الليالي.إنها غيبوبة دينية.فلك كل المحبة يارسول الله. معجزة بمقاييس كل الأزمان الحاج عبدالله باجامع: ليلة السابع والعشرين من رجب ليلة عزيزة وغالية على قلوبنا جميعا إنها ليلة غراء في تاريخ الأمة الإسلامية بل وفي تاريخ البشرية جمعاء,كيف لا وهي ليلة رُسمت من خلالها الكثير من معالم وملامح طريق الإيمان.هي ليلة المعجزة الكبيرة حيث لايستطيع احد أن يصل بلاداً بعيدة في ليلة واحدة بمقاييس ذلك الزمن فما بالك أن ينتقل قاطعا آلاف الكيلومترات بلمح البصر.بل ويرتقي إلى السموات العلى ويسمع ويرى ويحاور ويقف عند مشاهدات عظيمة لايمكن أن يدركها العقل إلا في أيام.وفي هذه الليلة حُددت وخُففت عبادات كالصلاة,إنها ليلة بعيدة في تاريخها ولكنها مرتبطة بحياتنا المعاصرة وستمتد كذلك حتى يوم البعث.فما أحوجنا ونحن نحتفل بها أن نأخذ الدروس منها ونفهم المعاني ونستمد الدلالات محاولين التّمثّل بسيرة صاحبها رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام! وذلك سيكون أفضل رد على من تجرأ وسبّه من الدنمركيين وغيرهم.فمعرفة سيرته ليس من باب الزيادة أو الترف الفكري بل هو واجب وفرض علينا. أكثر من حادثة نهال محمد طالبة: لكل أمة مناسبات يحتفلون فيها. ونحن كذلك لدينا مناسبات نبجّلُها ونفرح فيها.وكأمّة إسلامية لدينا مناسباتنا ومن بينها ليلة الإسراء والمعراج على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم.وفي نظري إن هذه المناسبة من أعظم المناسبات كيف لا! وصاحبها هو النبي محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وهو وحده المخصوص بالشفاعة حين تقوم الساعة ويأتي الحساب.فنحن خير أمة كما وصفنا الله بذلك ومن هذه المناسبة علينا ان نهتدي بهدي الهادي ونقوم بفرض الجهاد ونحرر الأقصى الشريف وفلسطين الحبيبة من دنس اليهود الغاصبين مستشهدين بما قام به عمر بن الخطاب رضوان الله عليه وصلاح الدين الأيوبي من بعده فمنزلة المسجد الإقصى مقرونة بمكانة المسجد الحرام حيث قال عز من قال: (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)الذي باركنا حوله) فالمسؤولية مسؤولية الجميع .وعليه فاحتفالنا بليلة الإسراء والمعراج يجب ان يرتقي من كونها حادثة يجب أن يكون نبراساً يضيء طريقنا ويُنَوِّر دروبنا.