مما لا شك فيه أن السلامة المرورية من أهم المواضيع التي تلامس حياتنا اليومية ولا تقتصر فقط على رجال المرور ، وإنما هي حلقة تكاملية بين المواطن ورجل المرور ، فلا يمكن أن تتحقق السلامة المرورية دون وجود رجل المرور ، ولا يمكن كذلك أن تتحقق بدون تعاون المواطن سواء كان راجلاً للطريق أو سائقاً للمركبة . وهنا لا بد من وقفة مع الإحصائيات الرسمية لحوادث المرور في بلادنا ، فهي تمثل أرقاماً مخيفةً جداً لو قورنت بإحصائيات الحروب في أي دولةٍ أخرى ، حيث لا يكاد يمرُّ يومٌ إلا ونسمع عن حادثٍ هنا أو هناك وفيه من الضحايا الكثير بين قتيل وجريح، وأغلب هذه الحوادث تحصل في الطرق الطويلة ولها أسبابها ومسبباتها ، فالسرعة الزائدة من أكبر الأسباب ، وعدم فحص وصيانة المركبة ميكانيكياً وكهربائياً أيضاً أحد الأسباب ، واستخدام الأضواء العالية ليلاً ، وعدم وجود إضاءة أمامية أو خلفية في بعض السيارات ، ووجود الدراجات النارية ، وعدم تخطيط الطرقات بالألوان الفوسفورية ، والحمولة الزائدة ، وسيارات القات ، والباعة المتجولون المفترشون للطرقات ، وقيادة الأطفال للمركبات ، وعدم وجود الوعي الكافي لدى السائقين بالقواعد المرورية ، كل تلك أسباب تؤدي إلى الموت المحقق ، ولعل هناك أسباباً أخرى لا أتذكرها، فهل من واعٍ لخطورة هذه الأمور؟ وهنا وبعد هذا السرد المبسط لأسباب الحوادث التي لا يختلف عليها اثنان ، يجب على إدارة المرور ألا تمنح رخصة القيادة إلا بعد اختبارات ذات صرامة وتشديد لأن أرواح الناس ليست لعبة ، كذلك يجب على الإدارات المختصة بتجديد وثائق السيارات أن لا تقوم بتجديد وثائق أي سيارة إلا بعد فحصها فحصاً دقيقاً للتأكد من صلاحيتها ، وأقترح أن يتم إنشاء مركز خاص بالفحص الدوري للسيارات أسوةً بالدول المتقدمة بحيث يكون تابعاً للإدارة العامة للمرور وهذا من شأنه أن يحد نوعاً ما من الحوادث ، كما يجب على الإدارة العامة للمرور وضع نقاط مراقبة في الطرق الطويلة للحد من السرعة والحمولة الزائدة ، والتأكد من وجود الإضاءات اللازمة وفرض عقوبات على كل من يُضْبطُ مخلاً أو مخالفاً لأيٍّ من قواعد المرور ، ويجب أيضاً على إدارة المرور عمل اللوحات الإرشادية على طول الطريق كي تُساعد السائقين في معرفة الطريق ، ولا بد أيضاً من معاقبة كل من يُسيء للطريق ويستهتر بالأنظمة والقواعد المرورية وبخاصة بعض سائقي السيارات الوافدين من بعض الدول المجاورة خاصةً فيما يتعلق بالسرعة الزائدة والإضاءات الليزرية ، لأن الطريق ملك للجميع ، والقيادة هي فن وذوق وأخلاق ؛ وفي المقابل يجب على وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة تبني ندوات إعلامية إرشادية للتوعية بضرورة السلامة المرورية والتوعية بمخاطر الطريق لأنها تتحمل جزءاً من المسئولية ، وعلى المدارس والجامعات تحمل مسئولياتها أيضاً في التوعية وتعليم آداب الطريق واحترامه ، وعلى الآباء أيضاً تربية أبنائهم وحثهم على احترام الطريق وإعطاء الطريق حقها، وإذا ما تم أخذ كل هذه الاحتياطات بعين الاعتبار فإنه دون شك سينخفض معدل حوادث السيارات وستتحقق السلامة المرورية من أجل طريق آمن للجميع.