٭ السؤال الذي فتح أبواباً واسعة للتأمل والتفكير، ومن ثم للفهم السليم، وكشف حقيقة الأعمال الإجرامية، وعمليات القتل والتخريب التي قام ويقوم بها الذين يسمون أنفسهم بالمجاهدين، وغير ذلك من الأسماء والصفات التي يطلقونها على مجاميعهم في أماكن مختلفة. هذا السؤال هو: لماذا توجه العمليات الانتحارية وأعمال القتل والتدمير والتخريب نحو الداخل العربي والاسلامي إذا كانت عمليات جهادية كما يطلقون عليها؟ الجواب هنا يكشف الحقائق وينسف الادعاءات التي تسبق كل عملية وتتبعها في البيانات اللاحقة لها. ٭ كانوا يقولون إن الدافع للعمليات الانتحارية هو الانتقام لما لحق ويلحق بالمسلمين من ظلم وعدوان واحتلال في أماكن مختلفة من العالم...كان هذا الطرح هو المبرر للعمليات التي حدثت وتحدث في دول غير إسلامية وبالرغم من عدم كفاية هذا المبرر لأن العمليات استهدفت أبرياء بدرجة أساسية ثم إن الذين تستهدفهم العمليات الانتحارية في الغالب عبارة عن تجمعات بشرية من كل الديانات والأجناس وهناك لايستطيع الموت أن يفرق بين مسلم وكافر بحسب نية المهاجم، وفي كل الأحوال كلهم أبرياء في مثل هكذا وضع ولا يمكن وصف الحال بسوى الإجرام والبشاعة.. لكن ماهو أسوأ أن يتحدث هؤلاء الناس عن عمليات جهادية واستشهادية وهم يهاجمون أبرياء من أبناء مجتمعهم، وكلهم مسلمون بالطبع، ثم تأتي بياناتهم لتعترف بالمسئولية عن العمليات الانتحارية أو عملية قتل مجموعة من الناس بلا ذنب أو سبب وينسبون ذلك العمل للإسلام والجهاد ضد الكفار وأعوانهم. ٭ كل العمليات الإجرامية التي جرت في الأقطار العربية والاسلامية وراح ضحيتها الأبرياء من المسلمين كانت مع سبق الإصرار والإجرام والترصد لقتلهم.. بدليل أننا لم نسمع عن اعتذار واحد صدر من مجموعة نفذت العملية لتقول: إن العملية كانت خطأ غير مقصود ونعتذر عن ذلك، لتأكيد عدم استهداف الناس الأبرياء، لكن ما يحدث هو العكس حيث تُعلن المسئولية عن الحادث مع الحمد والشكر لله على نجاح العملية والتوعد بالمزيد حتى يتحقق الهدف الأسمى المتمثل برفع راية الاسلام وهزيمة اليهود والنصارى والكفار...وهنا تكمن المفارقات العجيبة إذ كيف يمكن لراية الاسلام أن ترتفع وتلحق الهزيمة باليهود والنصارى والضحايا هم من المسلمين والخسائر المادية من ثروات المسلمين وأموالهم؟ ٭ إن المتأمل لما يحدث في هذا الجانب ، وللكيفية التي تدار بها العمليات الارهابية الموجهة نحو الداخل العربي والاسلامي، وللنتائج التي تخلفها هذه العمليات على الجوانب المختلفة في بلاد المسلمين، يستطيع أن يفهم اهداف ودوافع هذا النوع من العنف الذي لايفرق بين صديق وعدو وربما استهدف الأخ والصديق دون العدو.. وتبقى مسألة تحديد الصديق من العدو حسب ما يدعي منفذو العمليات الإرهابية في ظاهر الخطاب حيث يدعون أنهم مسلمون، وفي حقيقة الوضع بناءً على ما يحدث في أرض الواقع فإن هذه المسألة لم تعد بهذه الصورة التي يتحدثون عنها فالدلائل واضحة والنتائج تؤكد أن من يقتلك هو عدوك وإن ابتسم لك ضاحكاً أو أظهر لك الود، ولهذا أقول إن هؤلاء الذين يقتلون المسلمين بالعمليات الانتحارية ويمارسون العنف داخل مجتمعاتهم ليسوا كما يدعون!!