من أعجب الأشياء في «العجنة» السياسية الأخيرة أن الجميع خرج من الجلسة المدوية لمجلس النواب يوم الاثنين الماضي وهو يتحسر لوسائل الإعلام على «التوافق السياسي» الذي كان قد شارف على النضوج والاكتمال.. .. الحقيقة هي أن الانفراج كان قاب قوسين أو أدنى، والتوافق شارف على الاكتمال، واللمسات الأخيرة أنجزت برعاية رئاسية، ووعود وامتيازات حصلت عليها أحزاب «المشترك» وأعلنتها على الملأ بنفسها؛ على وعد مغلظ بيمين مغلظة؛ منها بإنجاز المتبقي عليها لإقرار القانون المعدل وتسمية أعضائها إلى اللجنة العليا. والحقيقة ثانية هي أن شيئاً من ذلك لم يحدث على الواقع وتحت قبة البرلمان، والتوافق الذي يتحسرون عليه لم يثمر شيئاً عملياً من جانبهم، وبقي أنهم فازوا بالامتيازات والتنازلات، وبقيت مواقفهم على سابق عهدها ووعدها. .. وذهبت الوعود والأيمان المغلظة أدراج المماطلة والتمنع والتعطيل للوصول إلى هذه النتيجة المحقة والمنصفة والمؤسفة برغم كل شيء!. .. هكذا سارت الأمور إذاً.. و«المطمطة» كما قلنا سابقاً لم تثمر سوى انتكاسة على المستوى الحزبي المتفلت من العهود والعقود والوعود.. وحتى الأيمان المشفوعة ب«شخطة» وجه!!. .. حسناً، مهما قيل أو سيقال حول هذه النتيجة الديمقراطية بكل تأكيد فإن التحسر على التوافق يظل بمثابة التحلل المتكلف، أو التصنع الزائد عن الحاجة، وقد كان في متناولهم؛ فزهدوا فيه حتى الثمالة، فعلى أي شيء يسكبون الدمع؛ وهم سكبوا اللبن؟!. .. بكل سرور.. أو للأسف الشديد.. أو «يا جناه» أو ما كان، قد انتهينا من هذا الآن و«بطل اللعب» كما يقال!! وسنبدأ في لعب آخر.. وربما أخطر.. وفي الحالتين يبقى التوافق متاحاًَ.. والاتفاق مبذولاً.. والحوار ممكناً.. إذا أرادوا وحكّموا عقولهم ومصلحة البلد. .. وإن لم فالله خصيمهم، وهو حسبنا!!