كانت نظرية الانعكاس تذهب إلى أن الأدب والفن عموماً لابد أن يعبر عن الواقع مادام أنه قد صدر عنه..وفي مقالة سابقة ذكرت أن الثورة الشيوعية كانت ترى وأنا معها في ذلك أن الأدب والفن لابد أن يقوم بعملية رسالية ،لأن الأديب الفنان رسول أو نبي فيهدي المجتمع إلى أحسن السبل وأفضل الطرق ، لتصبح حياته سعيدة، وليعيش في المجتمع كما ينبغي أن يعيش الإنسان، يعي مسؤولياته ويحترم ما يفرضه الحق والواجب على السواء لقد افترضت الثورة الشيوعية أن بعض رسالة وأن أي عمل أدبي أو فني خارج تهذيب الشعب وتثقيف الأمة تثقيفاً مباشراً وفق الرسالة الثورية المحددة الأهداف والغايات يعد هراء وترفاًبرجوازياً قبيحاً يخدم الرأسمالية والامبريالية التوسعية. ولقد صب الشيوعيون ، وأصحاب الواقعية الاشتراكية وقد أصبحت مذهباً أدبياً ونقدياً جام غضبهم على مايسمى «رسالة الفن للفن» هذه الرسالة التي تعزز حسب وجهة نظر الماركسيين الملتزمين قبح البرجوازية وتكشف عبثيتها المشبوهة!! وفي زمننا الحاضر تحاول هذه الفكرة أن تبرز من جديد ليس لأن الأدباء لم يعنوا بواقعهم وحسب ،يحلون مشكلاته ويضعون أصابعهم على أماكن أخطائه ويصفون له العلاج المناسب وحسب بل وهذا الأكثر خطورة نجدهم تخلوا عن هذا الواقع وأصبحوا مثله جسماً جامداً، وجزءاً مطموراً، يحتاجون أن يأتي أحد من عالم الغيب لينقذهم كما ينقذ مجتمعهم!! إن واقعنا أصبح واقعاً مغموراً بالمشكلات الصعاب، فهو يئن تحت وطأتها ، لا ينقذها منها أحد ولايأبه به أحد، وقد كان على الأدباء والمفكرين والفنانين أن يهبوا مسرعين لاتخاذ اللازم، لأن رسالة الفن والأدب هي ضمن المخارج الروحية السماوية في سبيل حياة خلو من الأمراض والأسقام... إن الزلازل التي تنسف المنازل على أهلها، لاتتطلب الحرارات التي تزيل أكوام التراب، قدر ما تتطلب أجهزة حساسة وكلاباً قادرة على تحديد الأحياء والأموات أولاً، ليكون بإمكان القوة أن تباشر عملها فلا تتضاعف الخسارات في الأرواح.. ولنا في الغد لقاء...