-1- يقال : إن «أم علي» تلك السيدة الثرثارة المسنّة قد نسيت المكان الذي دفنت فيه ثروتها الخيالية من أغطية المشروبات الغازية، وظلت دهراً تلوم نفسها وتشكو نسيانها حتى ماتت كمداً فوق فراش ضخم ورثته عن أمها محشو بجنيهات الذهب الأصفر. -2- وفي ساعة تأثر عاطفي لا تتكرر، أقدم رجل الأعمال البارز «كارم» على وضع جميع ما يملك تحت أقدام زوجته الوفية ذات الأربعين ربيعاً، حسبما يحلو له دائماً وصفها. ولما توفي فجأة إثر أزمة قلبية حادة، لم يحضر أيّ من أقاربه المعروفين مراسيم دفنه، فقد كانوا يلهثون باحثين عن آثار زوجة المرحوم الوفية التي فرّت بالملايين رفقة عشيقها سكرتير المرحوم المخلص. -3- أصبح همّ «حمدان» الشاغل بعد خروجه من السجن هو العودة إليه مرة ثانية!. لكن بالطبع بعد أن يعثر على رفيق دربه وصباه «مسعود» الذي لم يره منذ تسع سنوات قضاها «حمدان» وراء القضبان بتهمة سياسية ملفقة. وظل «حمدان» يتذكر آخر مرة رأى فيها «مسعود»، فيذكر يومها أنه أي «حمدان» صاحب الجسد الرياضي الرشيق راهن صديقه مسعود على قدرته القيام «بانقلاب» سريع يحط بعده على الكرسي سالماً. وبعد أن أدى حمدان حركته الرياضية البارعة تلك كبهلوان السيرك، كان «مسعود» قد اختفى فجأة تاركاً إياه وحيداً يضرب أخماساً في أسداس، ولم تطل حيرته كثيراً؛ إذ سرعان ما أصبح حمدان ينعم بالتنزّه ضمن جماعات المعتقل. وتحقق حلم حمدان سريعاً بالعودة إلى «بيت خالته» أو السجن كما هو مشهور بين العامة، حيث الحياة «دون أقنعة» حسب زعمه، وتهمته هذه المرة جنائية لا سياسية، وقد وجد حمدان رفاقه وأصدقاء سجنه في انتظاره. وكما لا يأمل حمدان في الخروج هذه المرة فهو لا ينوي فراقهم أبداً، لأن الأهم عنده أن «مسعود» رحل ولن يعود.