فجعت الأوساط الطبية والثقافية أواخر الأسبوع المنصرم بوفاة أحد أبنائها الطيبين الطاهرين إنه الدكتور الطبيب الإنسان شوقي عبدالوارث السقاف. هذا الطبيب الذي أعطى للطب معانيه الإنسانية من خلال تعامله اليومي مع المرضى ومع المهنة الإنسانية التي أخلص لها أيما إخلاص، وتفانى في سبيلها، كأشرف وأنبل ماتكون هذه المهنة. لقد آثر الانحياز إلى المرضى الذين يفتقرون إلى كل عون وعناية ورأفة فكانت عيادته الخاصة والتي أغلقها فيما بعد تحاشياً من إحراجات المؤجر، ومايترتب على ذلك ملاذاً للفقراء والمحتاجين، ثم انضم إلى مستوصف «المتحدين» للعمل مع زملاء له بهذا المستوصف يشاركونه نفس المشاعر والأحاسيس تجاه المرضى «الغلابى» ويعلم الله وحده الحكمة من وراء اختيار أمثال هؤلاء الأخيار إلى جواره في أوقات يكون الناس أحوج مايكونون إليهم وإلى خدماتهم وأعمالهم الإنسانية. إننا عندما نستعرض مواقف وحياة أمثال هؤلاء النماذج من أبناء الوطن فإن هذا لايعني أن مجتمعاتنا لايوجد بها سواهم، لا أبداً، وإنما لأن أمثال الدكتور شوقي قد تميزوا عن سواهم وبشكل فاق المعتاد. وبهذه المناسبة مناسبة الحديث عن هذا الإنسان العصامي شوقي السقاف، فلابد لي من الإشارة إلى سمات وصفات أخرى كان يتمسك بها هذا الإنسان. فقد كان إلى جانب انحيازه إلى جانب المرضى المحتاجين يتمتع بثقافة راقية وواسعة الآفاق، هذا إلى جانب تسامحه وتجاوزه لصغائر الأمور، وبمناسبة الحديث عن المرضى وحاجتهم لأمثال هذه النماذج من الأطباء فلابد لي من الإشارة إلى أن هناك العديد من الأطباء يشاركون المرحوم جانباً من السمات وبخاصة حالة الزهد، هذه الحالة وجدتها بعيادة الدكتور محمد عبدالودود الذي حافظ على أجر معاينة المريض بذلك المبلغ الزهيد الذي كان ولايزال منذ سنوات، وهذه ميزة تحسب له. نحن ندرك أن أي طبيب عندما يفتح أي عيادة يحتاج إلى أجور لمبنى العيادة وللموظفين وخلافه وإلى أجور للكهرباء..و...الخ. لكننا فقط نريد أناساً وأطباء يقدرون ظروف المرضى المحتاجين وعلى أقل تقدير إحالة الموسرين والقادرين من المرضى المثقلين «بالزلط» إلى العيادات الخاصة والمستشفيات الخاصة وحتى لايزاحموا الفقراء والمعدمين في المستشفيات الحكومية. وبعد.. الرحمة والمغفرة للدكتور شوقي السقاف ندعو المولى القدير أن يسكنه فسيح جناته والعزاء الحار لأهله وذويه وأن يلهمهم الصبر والسلوان وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.