يرتبط مستقبل الجامعة بمستقبل الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل في العالم العربي، ولا يبدو في الأفق المنظور إشارات دالة على هذا الطريق سوى الخطوة اليتيمة التي راهنّا عليها في بلد عربي لم يكن أي مراقب يتوقع له أن يكون بهذه المثابة حتى عادت العسكرتاريا إلى سابق عهدها وانتهكت الشرعية الانتخابية لتعيد الوجه القبيح. موريتانيا التي تجاوزت نفسها وسلكت درب الشفافية السياسية الناجزة، وغير المُفصّلة على مقاسات «الجمهوريات الملكية» السائدة في العالم العربي تعود مجدداً إلى مربع المتاهات الذي يرضي الكثرة الكاثرة من أنظمة العرب البائسة. أسباب عجز القرار العربي كامن في الآليات السائدة في المنطقة العربية والمفارقة لمنطق التاريخ والجغرافيا، بل ولمنطق العصر، فالنظام العربي العام مازال مُتمسّكاً بتلك الشروط التي استنفدت أسباب بقائها، وأصبحت تمثل كابحاً كبيراً في طريق النماء المتوازن الذي يعتدّ بمركزية الإنسان وكرامته، ولهذا السبب لا بد من أن تُحل هذه المسألة على قاعدة التشاور والوصول الى الحقيقة ودونما مكابرة واستمراء لمنطق الاستبداد بأشكاله المعلنة والمغلّفة، وتأتي البداية من القوانين السائدة، وحالة الاشتباك غير الحميد مع التاريخ والعصر، وتوظيف الدين لأغراض دنيوية، وعدم الإقرار بأهمية أن نكون شركاء في العصر، وأن نعتبر إنجازات البشرية جزءاً من حالة عامة أسهم فيها الجميع، وأن لا نتحدث عن الخصوصية بكلمات حق يُراد بها باطل. لقد ظهر جلياً وواضحاً أن المنطقة العربية بحاجة إلى إصلاح حقيقي وشامل يطال كل البُنى والمؤسسسات والهيئات والاستراتيجيات، فإذا ما فعلنا ذلك يكون التحول حراً وناعماً، ما لم فإننا مقبلون على تحولات عسيرة وقسرية يقودها التاريخ وقوانينه الموضوعية رغماً عنّا.