أسباب عجز القرار العربي كامن في الآليات السائدة في المنطقة العربية والمفارقة لمنطق التاريخ والجغرافيا، بل ولمنطق العصر، فالنظام العربي العام مازال مُتمسّكا بتلك الشروط التي استنفدت أسباب بقائها، وأصبحت تمثل كابحاً كبيراً في طريق النماء المتوازن الذي يعتدّ بمركزية الإنسان وكرامته، ولهذا السبب لا بد من أن تُحل هذه المسألة على قاعدة التشاور والوصول الى الحقيقة دونما مكابرة واستمراء لمنطق الاستبداد بأشكاله المعلنة والمغلّفة، وتأتي البداية من القوانين السائدة، وحالة الاشتباك غير الحميد مع التاريخ والعصر، وتوظيف الدين لأغراض دنيوية، وعدم الإقرار بأهمية أن نكون شركاء في العصر، وأن نعتبر انجازات البشرية جزءاً من حالة عامة أسهم فيها الجميع، وألا نتحدث عن الخصوصية بكلمات حق يُراد بها باطل . لقد ظهر جلياً وواضحاً أن المنطقة العربية بحاجة إلى إصلاح حقيقي وشامل يطال كل البُنى والمؤسسسات والهيئات والاستراتيجيات، فاذا ما فعلنا ذلك يكون التحول حراً وناعماً، ما لم فإننا مقبلون على تحولات عسيرة وقسرية يقودها التاريخ وقوانينه الموضوعية رغماً عنّا . المواطن العربي مُلاحق في الداخل والخارج، ولعله يجد في ملاحقة الآخر له بعضاً من الإنصاف باعتبار أن الآخرين يحترمون قوانينهم المسطورة، ويُخضعون الحوادث والوقائع لنصوص القانون وان تجاوزوها أحياناً، لكن الفرد العربي المُلاحق في عقر داره لا حماية له ، مُتّهم مع سبق الاصرار والترصد، مُحكوم عليه بدون محام وادعاء، ونصوص قانونية . التهمة لدينا استنساب واستيهام، والضحية يتماهى مع جلاده !! . هذ هو واقع الحال الذي لا يمككنا شطبه ، فالقانون مُفصّل على مقاسات الأجهزة وأهوائها، وتاريخنا الخاص المترع بفقه التبرير والتمرير يقيم الوسائل للطُغاة . هذه هي الاسباب الحقيقية في عجز القرار العربي، فالدبلوماسية لا تصدر من فراغ، بل من الارض وما يجري فيها وعليها. [email protected]