أمام الحقيقة الموضوعية للعولمة الاستثمارية والتجارية، بل الثقافية والسياسية،وكذا الأمواج المترجرجة العاتية للعولمة الذاتية«المحكومة بإرادة الكبار» كان لا بد للعالم العربي من أن يبحث عن تأصيل مفاهيمي ونصي للعمل الاقتصادي،وهذا التأصيل يبدأ بالقانون،ويشمل حقائق القوانين السائدة في العالم العربي.. تلك القوانين المطالبة بالتناغم مع سلسلة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العرب وحتى نستطيع التناغم مع القوانين الدولية دونما تجاوز للشريعة ومقاصدها لا بد من أن ننطلق من ذات النقطة التي انطلق منها أسلافنا المجددون لعلوم الدين وأن نباشر إعادة قراءة شاملة لسلسلة القوانين التي تتعارض مع مقاصد الشريعة المرتبطة أساساً بالفضيلة والإصلاح،ونحن فيما نفعل ذلك لا نجافي الشريعة بل العكس،وأبرز شاهد في هذا الباب يتمثل في قوانين الأحوال الشخصية وقوانين الهجرة والجنسية وقوانين الزكاة المعمول بها في جُل العالم العربي، تلك القوانين تُجافي الشريعة بصورة سافرة،والشاهد هنا قوانين الهجرة التي تتباعد جذرياً عمّا عُرف من تاريخ العرب والمسلمين من تبيئة ثقافية،و تعمير للهوية بنشر اللغة وأسباب إدماج المهاجرين في البلدان الجديدة التي يتساكنون مع أهلها ويتثاقفون ويتمازجون معهم. وقع العرب على سلسلة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان، لكنهم وحتى اللحظة لايريدون إعطاء مجال للقانون الدولي الخاص الذي ينظم العلاقات بين القوانين المحلية والدولية ،ويُرشد للتصادم غير الحميد بين القوانين المحلية الخاصة بالأفراد،والقوانين الدولية الخاصة أيضاً بالأفراد..الوقوف أمام عصرنة التأصيل للعمل الاقتصادي يبدأ من القانون وينتهي بالاقتصاد والاجتماع والعلوم والهوية الثقافية، فلامعنى لأن نقوم بتعميم الليبرالية الاقتصادية العالمية دون أن نباشر ذات التعميم في الداخل ،ولامعنى لأن نكون شركاء في التجارة والاستثمار الدوليين،وأن تبقى أعراف الاحتكار والتقوقع في قوانيننا الداخلية. الأمر أشبه ما يكون بالخيار والاختيار،وفي الدين الحنيف فسحة كبيرة لأنسنة الوجود،والأخذ بأفضل قيم العصر،والتخلي عن السلبيات. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك