المواطن العربي مُلاحق في الداخل والخارج، ولعله يجد في ملاحقة الآخر له بعضاً من الإنصاف باعتبار أن الآخرين يحترمون قوانينهم المسطورة، ويُخضعون الحوادث والوقائع لنصوص القانون وإن تجاوزوها أحياناً، لكن الفرد العربي المُلاحق في عقر داره ولا حماية له، مُتّهم مع سبق الإصرار والترصد، مُحكوم عليه بدون محام وادعاء، ونصوص قانونية . التهمة لدينا استنساب واستيهام، والضحية يتماهى مع جلاده !! . هذا هو واقع الحال الذي لا يمكننا شطبه، فالقانون مُفصّل على مقاسات الأجهزة وأهوائها، وتاريخنا الخاص المترع بفقه التبرير والتمرير يقم الوسائل للطُغاة، والإنسان” المواطن “ يخضع لمراتبية غير مُعلنة، تُلغي مواطنته القانونية قبل أن تُلغيه. إننا بحاجة الى تفعيل” فقه المواطنة “ حتى نحترم الهوية باعتبارها مرصودة في مفهوم المواطنة ، لا بورصة الأعراق والسلالات والقبائل والعشائر والمذاهب . استخدم هنا كلمة “ المواطن العربي “ تجويزاً ، لأن المواطنة القانونية ليست موجودة في العالم العربي، بل المراتبية الخسيسة التي تميز بين الناس وتخضع البشر لأعراف التاريخ الجائر، ومن أراد أن يتأكد من هذا الأمر يمكنه مراجعة قوانين الأحوال الشخصية السائدة في العالم العربي، ومدى تطبيقنا للمعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان الدولية والتي نُوقع عليها مهرولين، ومدى احترامنا للقانون الدولي الخاص، ومدى تفعيلنا لمفهوم المواطنة العصرية النابعة من التساكن والتعايش والتمازج الطبيعي والثقافة الواحدة المتنوعة . هذه واحدة .. أما ثقة الشارع العربي بالمستقبل فهي تماماً كثقته بحكوماته، يتساوى الحالان، باعتبار أن أصل المحنة وجوهرها واحد . هذه ليست أقوال شؤم نابعة من عدسات سوداء، لكنها الحقيقة السافرة التي لن تتغير إلا بالمكاشفة والعمل الدؤوب لاستباق نواميسها المتهافتة والمفارقة لقوانين الأرض وحكمة السماء .