لأكثر من قرن كامل احتل البريطانيون جنوباليمن لتكون الرابط بين مستعمراتهم في الهند وانجلترا، وهذا يعني أن اليمنيين في الجنوب والشمال عاشوا مائة عام من العزلة والتخلف وتوثيق الأمراض الاجتماعية، كالفئوية والشللية و«المكانية» كعدن للعدنيين!!. ظل الاحتلال الانجليزي هذه الفترة الطويلة العريضة في جنوباليمن، وعلى وجه الدقة في عدن، فلم يفد اليمنيون من هذا الاحتلال غير أمور شكلية كاحترام قواعد المرور، بينما تكونت مشيخات وقبليات وسلطنات وغير ذلك. وكرس هذا الاحتلال البغيض عداوة بين اليمنيين، فهذا شمالي وهذا جنوبي، بل هذا عدني، وهذا يافعي وهذا حضرمي وهذا جبلي.. إلخ. وعاش اليمني في ظل هذا الاستعمار في وحشة وغربة، نعم وانضباط إداري لما فيه مصلحة المستعمر. أما استخراج المعادن، وأما استزراع الأرض وتخضير المجتمع فلا.. وما أثمر من جوانب حضارية فلأجل هذا المستعمر، وخدمة لمآربه وما يسعده ويجعله يحيا حياة مرفهة سعيدة. انبرى اليمنيون، من جميع اليمن، يدفعون عار الاستعمار بكل عزيمة المجاهدين الأبطال، غير عابئين بالتنكيل والدمار والعذابات الهمجية والإهانات البدائية الوحشية، يدفعون أرواحهم فداء للوطن، وثمناً للتحرير. فكان أن غادر المستعمر البغيض الوطن العزيز، يجرون أذيال العار والخزي، ليكون فداء اليمني وتضحيته مسماراً يغرس في جسم هذه الامبراطورية وسبباً من أسباب تغريبها «غروبها». وإذ يحتفل اليمن بمناسبة إجلاء «وليس جلاء» الاستعمار عن أرضه؛ فإنه يشعر تماماً بأهمية إزالة ما غرسه هذا المحتل البغيض من كل مظاهر التخلف كالفرقة والعصبية والأحقاد والتشرذم والتفرق والأنانية. بل إن كل هذه المظاهر وأشياء أخرى هي العزاء لهذا المستعمر، باعتبارها الأهداف والغايات التي سعى لغرسها وتخليدها وتأبيدها في أرض اليمن. وللأسف فإن ذيول الاستعمار لايزالون حريصين على ولائهم للمحتل البغيض، فيثيرون نعرات فئوية، ومناطقية. وقد آن لنا جميع أبناء اليمن خاصة أحفاد شهداء التحرير أن يذكروا تضحية الآباء والأجداد، لتكون مناسبة التحرير جديرة بالحفاوة والتكريم.