كانت الواقعة مفاجأة غير متوقعة للحاضرين في المؤتمر الصحافي، أو لطواقم النقل المباشر للفضائيات أو لمذيعي الاستديوهات، أو للمشاهدين... ففي الوقت الذي كانت أعين الملايين من المشاهدين للفضائيات التي تنقل من بغداد المؤتمر الصحافي «لبوش والمالكي»، إذا بالجميع ومع بداية المؤتمر يفاجأ بالصحافي «منتظر الزيدي» ينهال بالسب والشتم ل«بوش» الرئيس الأمريكي.. ويتبع السب والشتائم بقذف «بوش» بالحذاء مرتين حتى سيطر عليه مجموعة من الحراسات الخاصة منهالة عليه بالضرب واقتياده إلى التوقيف. «بوش» واجه الموقف بابتسامة، ووصف ذلك بأنه ثمرة للديمقراطية.. ولاندري أية ديمقراطية يتشدق بها «بوش» وهو يعلم أن العراق يرزح تحت احتلال الجيوش الأمريكية وحلفائها؟ فأي ديمقراطية يمكن أن تكون في بلد محتل، منزوع السيادة والإرادة والقرار..؟! لكن لاغرابة، إنها ديمقراطية بوش، أقبح صورة للديمقراطية وللسياسية الأمريكية..! كما قلتُ واجه «بوش» الموقف ببرود وهدوء وابتسامة.. ونحن لانستغرب ذلك، ف«بوش» يحمل أصلف وأقبح الوجوه الأمريكية، ولا أعتقد إلا أن الشعب الأمريكي بَراء من هذا الوجه الذي لايستحي، ولايخجل، وهو يودع الأيام الأخيرة من رئاسته ب«حذاء» الزيدي. «الزيدي» أثار بفعله هذا إعجاب الملايين الذين رأوا فيه بطلاً، واستطاع أن يرد على اعترافات «بوش» بأن حربه على العراق كانت خطأ، وأنه قد خُدع من قبل «المخابرات الأمريكية».. إنما تظل قذيفتا «الزيدي» لاتساوي شيئاً أمام جرائم بوش التي ارتكبت في العراق.. لقد دمَّر العراق، واعتدى عليه، وقتل مئات الآلاف، وشرد الملايين، ومازال يحتل العراق، ويرغمه على اتفاقات غير قانونية.. إن جرائم بوش لايكفي أن يعاقب عليها بقذيفتين من الأحذية، بل يستحق أن يعاقب بالموت عدة مرات، وأن ينال ما ناله سجناء «أبوغريب» و«جوانتنامو».. فهو المسؤول الأول والأخير عن مهاجمة واحتلال العراق، وهو من طلب من مخابراته تقارير مضللة ومزيفة، وهو من طلب منهم دبلجة صور عرضها «كولن باول» وزير خارجيته في مجلس الأمن عن مواقع أسلحة دمار شامل في العراق، وقد أكد باول فيما بعد أنها صور مزيَّفة.. وحين سُئل: كيف عملت ذلك إذن..؟ قال: أنا موظف، وطلبت مني الإدارة ذلك.. أي طلب منه «بوش» ذلك. إن بوش يستحق القبض عليه وتقديمه للمحكمة الدولية بعد أن يُحاكم في أمريكا، لأنه أول رئيس يخوض حرباً بحجة أمن أمريكا، وهو يعلم أنها حرب باطلة، وأنها حربه، وحرب إدارته.