تفاعلاً مع عمود الأمس حول تناولنا لوجبات بعضها تتعرض لدرجة حرارة لا تكفي للقضاء على مكونها الغذائي فحسب بل وتحويل الوجبة إلى شيء آخر قال قارئ: المفارقة أننا نجمع بين تحويل الوجبة إلى بركان يفتح شهية أي مشغول بالبحث العلمي للتعرف على مدى امكانية تحويل محتوى «المدرة» إلى أحد مصادر الطاقة المتجددة وبين تناول هذه الوجبة «الحراقة» بالنار والبسباس في سرعة عجيبة والنتيجة «نار على نار». وهذا التعقيب ذكي في إشارته إلى أننا بالفعل أسرع من يتناولون وجبة الطعام في العالم وكأننا في حالة سباق لدخول موسوعة غينيس، وهو ما يتعارض مع تأكيد المشتغلين بالتغذية السليمة بأن الهضم الصحيح يبدأ من الفم.. الفطور في خمس دقائق والغداء في عشر. لقد صار الكثيرون في العالم يتعاطون الوجبات السريعة ولكن في صورة سندويتشات بينما يحتفظ من يتناول الوجبة في منزله أو على طاولة مطعم بهدوئه. وحسب استطلاع للرأي كان المواطن الفرنسي عام 1978 يقضي في المتوسط ساعة واثنين وعشرين دقيقة لتناول وجبة الطعام ثم تراجع الزمن إلى ثمان وثلاثين دقيقة فقط، وهو ما أثار مخاوف الأطباء بعد أن كانت وجبة العشاء هناك تمتد بين السابعة والتاسعة «يعني ساعتين». مثل هذه القضية ليست ترفاً أو خروجاً عن نصوص الكلام السياسي الذي يملأ الصحف وإنما تتصل بتفاصيل كثيرة في حياتنا.. لكننا لا نهتم بها ونشكو تداعياتها دون أن نبحث عن سبب يبطل العجب. في الدنيا كلها هناك أطباء أنصار لما هو صحي وطبيعي.. ومحاربون للسموم وخبراء في التغذية إلا عندنا «فالهوشلية» تمتد إلى ما نأكله متسلحين بحكاية ما نفعله بالجراد وبالمثل الشعبي المتهور «ماهو أصغر منك قشّيته».