الكل تابع التصريحات الصحفية لعدد من القادة العرب الذين كنا نؤمل أن يرفعوا فينا روح المعنوية والتضحية والفداء خاصة في هذا الظرف العصيب الذي يشهد تخاذلاً عربياً مخزياً، ولكن كم كانت خيبة الأمل عندما شاهدناهم وسمعناهم، فهذا يحمل المقاومة المسئولية فيمايجري في غزة وآخر يقول بأنه لايريد مقاومة تدمر الشعب الفلسطيني وغيرها الكثير من التصريحات البائسة التي أحبطت الكثير من المشاهدين المتفاعلين مع قضية العرب الأولى.. ولا أدري كيف خرجت الكلمات من أفواههم.. أما يعلمون ان المقاومة أساساً تضحية وفداء لابد منه وأن الحرية لا توهب هدية للشعوب ولكنها تنتزع بتضحيات الرجال وبأرواح غالية من أفراد الشعوب ورحم الله شوقي حين قال : وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق لست أدري ماذا نسمي الثورة الجزائرية التي قدمت مليون شهيد وماذا نسمي النضال الذي قاده الشهيد البطل عمر المختار في ليبيا رغم مئات الآلاف من قوافل الشهداء وبماذا نتحدث عن الثورات العربية ضد الاستعمار والتي قدمت أيضاً طوابير من الشهداء.. هل نحاكم كل هذه الثورات وندين قادتها وهل نعيد النظر في تاريخ أمتنا النضالي لأن التاريخ العربي والإسلامي مليء بالتضحيات والنضال، فهل كان قادة النضال يدمرون شعوبهم ؟ لا أعتقد أن عاقلاً سيقول ذلك بل إننا نعتز بهم وبتاريخنا المشرف الذين خطُّوه لنا بدمائهم.. فعزة الأمم تكون بقدر تضحياتهم في سبيل كرامتهم وحريتهم، ورحم الله الخليفة الأول أبوبكر الصديق رضي الله عنه القائل «اطلبوا الموت توهب لكم الحياة». فأمة لاتدافع عن حريتها وسيادة شعبها موتها أعز من حياتها ولله در القائل : لايسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم فمايجري في غزة من عدوان وسفك الدماء للأبرياء من الاطفال والنساء والشيوخ يجب ان لايدفع أبناء هذه الأمة للاستسلام والخور بل يجب أن توقظ هذه الدماء روح المقاومة في نفوسنا ونعمل جميعاً على دعم النضال. أليست اسرائيل هي المحتلة للأرض وهي المعتدية لسفك الدماء البريئة؟ أليست مقاومة المحتل حقاً مشروعاً لكل الشعوب المحتلة أرضها وتقر بذلك كل القوانين الدولية ؟ وإذا كان جائزاً لأحد أن ينادي الطرفين في غزة بوقف اطلاق النار فإنه لايجوز بأي حال من الأحوال اطلاق مثل هذا النداء من قبل رئيس السلطة الفلسطينية أو أي قائد عربي لانه ليس هناك طرفان في الموضوع وإنما هناك طرف واحد معتد بمختلف الاسلحة المتطورة والمحرمة دولياً وطرف آخر معتدى عليه يتلقى الضربات بكل أنواع وسائل الدمار الشامل.. فلماذا نعطي المبررات للمعتدي بعدوانه ؟! إن مايجري في غزة فضيحة كبرى لاسرائيل وهزيمة نكراء لجيشها الذي لايقهر.. رغم التضحيات من قبل أهالي غزة، فماأضعف هذا الكيان المتغطرس الذي حاول إيهامنا بأنه قوة لاتقهر.. تحية إجلال وإكبار للمقاومة في جنوبلبنان والمقاومة في غزة الباسلة الذين أظهروا لنا سبب هزيمتنا في 1967م فقد كانت هزيمتنا النفسية أكبر في تلك الحرب وماخلفته من آثار فقد كانت حرباً خاطفة احتلت فيها اسرائيل الأرض العربية دون مقاومة تذكر، لأن الجيوش العربية لم تكن مهيئة نفسياً وعسكرياً للقتال مماجعلها فريسة سهلة للهجمة الاسرائيلية وأصبحت عقدة في نفس هذه الجيوش بأن جيش اسرائيل لايقهر.. فجاءت المقاومة وفضحت هذا الوهم الكبير وبينت لنا أن اليهود هم أجبن خلق الله على الأرض كما حدثنا عنهم القرآن الكريم «لايقاتلونكم إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر » صدق الله العظيم. ومما عايشناه وشاهدناه من سلوك بني صهيون فإنه لاينفع معهم إلا المقاومة والاستبسال وهي حق مشروع لكل شعب أخذت أرضه وسُلبت حريته.. فلنتخلص من الخوف كما قال وزير خارجية «فنزويلا» : «على العرب ان يتخلصوا من الخوف » فطالما نحن أصحاب حق وطالبي عدل ولسنا معتدين على أحد فلماذا نضعف ونقول لانريد المقاومة ولماذا هذا الانهزام.. ماالذي تحقق عبر المفاوضات لسنوات طوال ؟ ألم يزد ذلك اسرائيل إلا صلفاً وكبراً ؟!.. فإذا كان بعض القادة قد أعياه التعب من مسيرة النضال فليسترح ويدع القافلة تسير بدلاً عن أضعاف الأمة بالتصريحات الانهزامية، وعلى كل مناضل أن يتخذ من أبي عمار قدوة.. ذلك العملاق الذي افتقدناه في هذا الظلام الدامس فقد كان إلى آخر لحظة في حياته وهو محاصر والقصف والدمار من حوله بل طال المبنى الذي كان بداخله ماسمعنا منه إلا العزة والكرامة رافعاً أصبعيه السبابة والوسطى كناية عن أنه لابديل عن إحدى الحسنيين «النصر أو الشهادة» لذلك أي تراجع عن خط «أبو عمار» يعتبر خيانة لكل الشهداء الذين سقطوا من أجل فلسطين ومازالت كلمات رئيس الثورة الفلسطينية «أبو عمار» التي أطلقها وهو محاصر مدوية في آذاننا عندما قال : يريدونني أسيراً أو طريداً أو قتيلاً وأنا أقول شهيداً شهيداً شهيداً. وأقول هنا: ليس من طريق آخر للخلاص مما يعانيه الشعب الفلسطيني رغم الآلام غير المقاومة والتضحية «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون».