أجزم بأن بعض القادة العرب قد أصيبوا بالصدمة وهم يستمعون مساء الثلاثاء الماضي حسب توقيت اليمن إلى الكلمة التي ألقاها الرئيس الأمريكي الجديد باراك حسين أوباما، بعد تأديته اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية.. رئيس يحمل الرقم «44» حيث خلت كلمته من ذكر القضية الفلسطينية والصراع العربي - الاسرائيلي لا من قريب ولا من بعيد، الأمر الذي يشير حسب ما ذهب إليه بعض المحللين الغربيين وليس العرب الذين جعلتهم الصدمة أشبه بالمشلولين بعد سماعهم الكلمة.. وحتى بعض الأمريكان المهتمين بالشأن الفلسطيني «العربي» الاسرائيلي إلى أن «سياسة الرئيس أوباما لا تهتم بالمجازر والجرائم البشعة الأخرى التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد غزة وسكانها المحاصرين العزل، الأمر الذي يعطي انطباعاً بأن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة أوباما بالنسبة للصراع العربي الاسرائيلي وجوهره حق الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس هي امتداد لسياسة الإدارة السابقة وسلفه الراحل «غير المأسوف عليه» «جورج دبليو بوش». ويعني هذا الكلام أن بعض القادة العرب الذين ظلوا يراهنون على الرئيس أوباما وإدارته الجديدة في إجبار الكيان الصهيوني المدعوم من الألف وحتى الياء من الولاياتالمتحدةالأمريكية على «قبول السلام وإعادة الأرض لأصحابها الحقيقيين» واتضحت الحقيقة في أول كلمة للرئيس أوباما بعد أدائه اليمين الدستورية، حقيقة إننا العرب مع الأسف لا نجيد قراءة التاريخ جيداً ولا نتعظ ونستفيد من دروس التاريخ ونفهم طبيعة العلاقة الأمريكية الاسرائيلية. من المفيد الإشارة إلى أن كلمة الرئيس أوباما جاءت بعد ساعات قلائل من اختتام قمة العرب الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في دولة الكويت وبعد أيام قلائل من قمة غزة الطارئة في الدوحة وقمة شرم الشيخ بمصر، والتي كلها - أي القمم - كان محورها الرئيس الحرب العدوانية الاسرائيلية على غزة الفسلطينية التي استمرت زهاء ثلاثة وعشرين يوماً خلّفت نحو ألف وثلاثمائة شهيد نصفهم من الأطفال وغالبيتهم من النساء وكبار السن فيما تركت أكثر من خمسة آلاف جريح، واستخدم فيها الكيان الصهيوني كل أسلحته المدمرة جواً وبراً وبحراً، حتى الأسلحة المحرمة دولياً لم يستثنها هذا الكيان ضد الأطفال والنساء. ثلاثة وعشرون يوماً بكل ساعاتها، بل دقائقها كانت دماراً على شعب لا يملك من أسلحة للمقاومة إلا الرشاشات الخفيفة ولكنها أسلحة امتلكها رجال ولدوا ليكونوا شهداء كما هو كل الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه ولا يبرحها إلا شهيداً.. هذه المقاومة التي أجبرت القوة العدوانية الاسرائيلية على قبول إعلان وقف إطلاق النار والعدوان وكذلك بدء الانسحاب من القطاع. هذه الحقيقة التي أعتقد أن القمم العربية تجاوزتها واكتفت بالبيانات المنددة وإعلان تقديم المساعدات المالية لإعادة بناء القطاع الذي دمّر تدميراً كاملاً في كل مناحي الحياة العامة والخدمية والاقتصادية والتعليمية، ناهيك عن نهر الدم الذي تدفق من أجساد الأطفال والنساء والشيوخ أمام مرأى ومسمع العالم. اليوم بعد وقف العدوان وإن كنت أشك في مصداقية قادة الكيان الصهيوني في الالتزام بهذا القرار، لأنه كيان رفض الكثير والكثير من القرارات الدولية؛ ليس لأنه قوي كما يتوهم العرب بل لأنه مدعوم بالكامل من الدولة العظمى الولاياتالمتحدةالأمريكية نقول: اليوم يأتي السؤال المطلوب طرحه وعلى القادة العرب والمسلمين الإجابة عنه: هل سيُقدم قادة الكيان الاسرائيلي إلى محكمة الجنائيات الدولية نظير ما ارتكبوه من مجازر وحشية بحق شعب أعزل متمسك بأرضه ويطالب بحريته؟!. أم أننا سننشغل عن هذه القضية بجمع الأموال لإعادة بناء غزة عمرانياً ولكن الجرح الساكن في قلوب ذوي الشهداء والجرحى لن يدوم إلا بعودة الأرض والدفاع العربي المشترك.