الثلاثاء الماضي كان يوماً استثنائياً في حياة الشعب الأمريكي؛ بل شعوب العالم أجمع، فلأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية يصل إلى منصب الرجل الأول في البيت الأبيض رئيس أسود ومن أصل أفريقي وابن رجل مسلم؛ ذلك هو باراك حسين أوباما الذي تسلّم الثلاثاء الماضي رسمياً السلطة من الرئيس السلف جورج دبليو بوش الذي ذهب غير مأسوف عليه، وهو الرئيس الوحيد على مستوى العالم الذي وُدّع برميه بالأحذية وليس بالورود.. كما كان يتوقع عندما قرر احتلال العراق بأنه وجنوده سيستقبلون بالورود؛ ولكنه شاهد كيف استقبله العراقيون هو وجيشه البربري وكيف ودّعه الصحافي الحر منتظر الزيدي برميه بحذائه الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه وأخرج بوش من أضيق أبوابه، وسيُودع جيش بوش من العراق بنفس الوداع الذي وُدِّع به بوش نفسه، فحقاً «عندما يصمت العبيد.. تنطق أحذية الأحرار». الثلاثاء الماضي غادر بوش الابن مقر البيت الأبيض في طائرة عسكرية متوجهاً إلى مزرعته في ولاية تكساس ليعود إلى موطنه الأصلي راعياً للبقر؛ فهو لا يجيد فن السياسة؛ ولكنه يجيد فن المناطحة التي تعلمها من ثيرانه في مزرعته الواسعة في تكساس، فقد خلّف وراءه الدمار والخراب في كل مكان من هذا العالم خلال فترة حكمه الذي اتسم بالمناطحة، فقد تعامل مع شعوب العالم الأخرى بطريقة مناطحة الثيران.. الثلاثاء الماضي طوى العالم صفحة سوداء من تاريخه المعاصر، وفتح صفحة جديدة كتب عليها الرئيس الجديد للولايات المتحدةالأمريكية «عظمة أمريكا تكمن في قيمها وليس في قوتها» وهذا يعطي الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى الأمل ببداية عهد جديد يتسم بالعقلانية. الرئيس باراك حسين أوباما قال في أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية إنه سيعمل على فتح علاقات متبادلة مع كافة شعوب العالم، وذكر العالم الإسلامي بالتحديد رغم أنه لم يشر في خطابه إلى قضية السلام في الشرق الأوسط ولا إلى المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة مؤخراً بسلاح أمريكي وبدعم أمريكي وموافقة أمريكية، حيث أراد بوش أن ينتقم لنفسه ويرد صفعة الحذاء التي تلقاها في بغداد بتوجيه أذنابه الإرهابيين الصهاينة في فلسطينالمحتلة لشن تلك الحرب البربرية على قطاع غزة ليثبت لنفسه وللعالم أجمع أنه رجل حرب ودمار وخراب من الدرجة الأولى وهذا ما سيسجله التاريخ لهذا الرجل الذي حوّل العالم إلى فوهة بركان مشتعلة.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الرئيس الجديد باراك حسين أوباما سيصلح ما أفسده سلفه «بوش» وهل سيكون رجل سلام حقاً، أم أنه سيكون مجرد رئيس للعلاقات العامة للولايات المتحدةالأمريكية لتجميل الصورة المشوّهة التي تسبب بها سلفه الرئيس «بوش» خلال فترة رئاسته؟!.. لقد طغى حفل تنصيب «أوباما» على حدث قمة الكويت «الاقتصادية التنموية» التي كنا نتوقع منها قرارات قوية بمستوى حجم الكارثة التي تعيشها الأمة العربية ولكنها مثل سابقاتها من القمم العربية التي ألفناها على مدى العقود المنصرمة، قمم للشجب والتنديد والاستنكار لما يرتكبه الصهاينة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وقد أضيف إلى القمم العربية الأخيرة بند جديد إلى الثلاثة البنود المعروفة «الشجب - الإدانة - الاستنكار» هو بند «المطالبة» حيث أصبحنا نطالب من الجلاد أن يرفق بالضحية، ونطالب الجزار أن يرفق بالذبيحة، ونطالب القاتل أن يرفق بالمقتول!!. هكذا أصبحت القمم العربية مجرد تظاهرات إعلامية صوتية «لا تنصر مظلوماً ولا تستعيد حقاً مغتصباً» فالعدو الصهيوني يعربد في فلسطين ويستخدم كل ما يمتلك من القوة لإحراق الأرض والنسل؛ وقادة الأمة العربية يشجبون ويستنكرون وينددون ويطالبون وكأنهم لا يمتلكون أية وسائل أو مقومات للضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ قرارات لصالح قضية العرب الأولى!!.