مشكلة ارتفاع إيجار العقارات من المشكلات المؤرقة التي يعانيها المستأجرون في بلادنا، فمع كل عام جديد يطالب المؤجر بزيادة الإيجار بنسبة 20 إلى 30% وهو ما يتخطى حدود إمكانات معظم المستأجرين خصوصاً صغار الموظفين بل وحتى مدراء العموم المعتمدين على مرتباتهم الشهرية وخاصة حينما يطالب صاحب العقار بمبلغ ثلاثين إلى خمسين ألف ريال لمنزل صغير يتكون من ثلاث غرف ومطبخ ودورة مياه وكل غرفة لاتزيد مساحتها 3*3 أمتار أو 4*4 أمتار. ليس المواطن وحده من يشكو من ارتفاع الايجارات للمساكن ومضاعفتها بصورة جنونية عاماً بعد آخر، بل إن الحكومة أيضاً تشكو من ارتفاع إيجار العقارات كونها مستأجرة لمبانٍ في عموم محافظات الجمهورية كمقرات لفروع الوزارات والمؤسسات والمصالح العامة التي لاتمتلك مباني خاصة بها، حيث إن معظم المحافظات تعاني من عدم وجود مبان خاصة للكثير من الجهات سواء على مستوى عاصمة المحافظة أو على مستوى مراكز المديريات كما هو الحال في محافظة تعز والتي تعاني من مشكلة عدم وجود مبانٍ خاصة للكثير من فروع الوزارات والمؤسسات والمصالح والمحاكم والنيابات، فعلى سبيل المثال لا الحصر مكتب الصحة والسكان لايزال بدون مبنى خاص به ويتنقل بين فترة وأخرى من مبنى إلى آخر، فقد كان قبل أعوام في مبنى بجوار مكتب مجموعة هائل سعيد أنعم في عقبة شارع 26سبتمبر ثم انتقل إلى مبنى جوار استراحة هائل في المجلية ثم بعدها انتقل إلى مبنى جوار مكتب التربية والتعليم في شارع جمال عبدالناصر ليستقر به المقام حالياً في مبنى بحارة الشماسي شرق مستشفى الثورة، ويعلم الله أين سيستقر به المقام في العام القادم هل في الحوبان أم الجند؟ وبالمثل محكمتا ونيابتا شرق وغرب تعز فهما في ترحال دائم من مبانٍ في وسط المدينة إلى مبانٍ أخرى في الأطراف، ولايعلم الا الله أين سوف سيستقر بهما المقام.. نفس الأمر يتكرر مع المحاكم والنيابات في المديريات حتى تلك التي أصبحت لديها مجمعات حكومية فهي غير كافية لاستيعاب مختلف الجهات خصوصاً مع نقل الصلاحيات من مركز المحافظة إلى المديريات.. كما أن مكتب الشئون الاجتماعية والعمل وفرع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات وفرع الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة وفرع هيئة الاستثمار وكذلك محكمة الأموال العامة ومحكمة ونيابة المرور تمارس عملها في مبانٍ بالإيجار وأيضاً مكتب الواجبات بالإضافة إلى المجالس المحلية لمديريات مدينة تعز الثلاث «المظفر القاهرة صالة» وصندوق التحسين والنظافة ومشروع الحفاظ على المياه الجوفية ومكتب ضرائب كبار المكلفين ومكاتب الفروع في المناطق وليس ذلك فحسب بل إن هناك مراكز طبية ومدارس حكومية أيضاً تمارس عملها في مبانٍ بالايجار مثل مركز 22 مايو الطبي للأمومة والطفولة بمديرية المظفر «بير باشا» ومركز 14 أكتوبر ومدرسة تعز في مديرية صالة «الشماسي». الأدهى والأمر من هذا كله أن فرع الهيئة العامة للمساحة والتخطيط العمراني «أراضي وعقارات الدولة والسجل العقاري سابقاً» هو الآخر في مبنى بالايجار «فندق بلازا» سابقاً رغم أن كل أراضي وعقارات الدولة في المحافظة تقع تحت مسئوليته.. فهل يعقل أن هذا المرفق لم يجد عقاراً من أملاك الدولة لاستخدامه كمكتب أو قطعة أرض ينشئ عليها مبنى خاصاً به؟ أيضاً قيادة السلطة المحلية بالمحافظة منذ مدة وهي تبحث عن قطعة أرض في موقع مناسب لإنشاء مبنى جديد لديوان المحافظة يتسع لمكاتب وكلاء المحافظة وكذلك لأعضاء الهيئة الإدارية للمجلس المحلي واللجان المتخصصة في المجلس والسكرتارية التابعة لهم ومكاتب الإدارات العامة في الديوان والإدارات والاقسام التابعة لها ومكتب وزارة الشئون القانونية ووزارة الخارجية ومكتب الاعلام بالاضافة إلى مبنى خاص بمركز المعلومات وقاعة كبرى ولكن حتى اليوم لم يتم إيجاد الموقع المناسب. عدم وجود مبانٍ خاصة مملوكة للدولة لاستخدامها كمقرات أو مكاتب لفروع الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية يكلف خزينة الدولة ملايين الريالات كإيجارات شهرية كان يمكن أن تستخدم في مشاريع تنموية وخدمية عديدة سنوياً ولا ندري ما الحكمة من عدم قيام الحكومة باعتماد تكلفة إنشاء مبانٍ حكومية لفروع الوزارات والمصالح والمؤسسات في المحافظات التي لاتمتلك مباني خاصة بها ولو في العام الواحد إنشاء مبنى واحد بدلاً عن تحمل تلك المبالغ الكبيرة مقابل إيجارات والتي تزداد عاماً بعد آخر؟!