نظمت دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة المُلتقى السنوي للشعر العربي، حيث يباشر بيت الشعر في الشارقة متابعة نجاح هذه الفعالية الهامة. وخلال المُلتقى شارك كوكبة من النقاد والشعراء العرب في تفعيل الموضوع، وكان العنوان الرئيس موصولاً بأبعاد النص ودلالاته استناداً إلى تجربة الراحل الاستثناء محمود درويش، وكان لليمن حضوره من خلال الناقد علي الحضرمي والشاعرة سوسن العريقي. هذه المشاركة اليمانية تتصل قريباً بتكريم الشاعر الاستثناء الأستاذ عبدالرحمن فخري، وسيكون للجمهور المتذوق للشعر موعد هام معه، حيث سيكون حضوره مترافقاً مع اليوم العالمي للشعر. هنا أود الإشارة إلى أن الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح ساعدني شخصياً على حسن الخيار والاختيار، فهو المرجع الذي منه نستمد المعاني والإشارات، وإليه نذهب عندما نريد تدوير الحضر الثقافي اليماني في العالم العربي. والآن يمكننا التوقف قليلاً أمام الخيار اللمّاح المُتعلق بماهية النص وأبعاده وتعدد مستوياته ودلالاته مما تتّسع له المقاربات والرؤى، خاصة أن النموذج يتعلق بتجربة درويش الشعرية الأدبية الراكزة في أساس اللغة العربية وخوارزمياتها الموسيقية، ومناحيها التعبيرية المُتّصلة بالمرئيات والمسموعات.. بالملوس والمجرد في آن واحد. تجربة درويش في هذا الباب تعتبر مؤشراً هاماً لشعرية الشعر العربي القادم من التخييل والموسيقى العروضية، والذاهب بعيداً في التجريب ضمن مستويات مُتعددة. فالراحل الاستثناء كتب العمود الشعري بامتياز، كما عُرف بشعر التفعيلة، وكانت له نصوص نثرية مُتصلة بفلسفة الطبيعة، كما مارس الرياضة اللغوية الذهنية من خلال التدوير والتكرار والتعارضات التي تحيلنا بجملتها إلى الموسيقى المجردة، وهو أمر يكشف لنا ثقافة الشاعر وتواشجه الحميمي مع الذائقتين السمعية والبصرية. التداول المتعلق بسُلطة النص الأدبي والشعري منه على وجه الخصوص يُحيلنا مُباشرة إلى جُملة الأسئلة المتواترة والمكررة حول التقاليد الأدبية والحداثات المُتجددة، والتناص مع الآداب الإنسانية المختلفة، وغيرها من المسائل. وهي في جُملتها تتمرأى ضمناً وسياقاً في نصوص درويش التي بقدر كونها شعراً صرفاً لا تخلو بطبيعة الحال من تضمينات ذهنية وفكرية. المُتحلّقون حول مائدتي الشعر والنقد لهم أن يقولوا ما يريدون، ولبيت الشعر مثابة التنظيم ترجماناً لمرئيات الدائرة وبرامجها الحافلة.