ليس هذا الأخ هو الذي لا يحب القراءة؛ وليس هو الوحيد الذي ورث عن والده المرحوم هذه المكتبة «ألفي كتاب» تضم العديد من العلوم والمعرفة: "تاريخ، تفاسير، منطق، علوم حديث، لغة، أدب، نحو وصرف، موسوعات مختلفة، جغرافيا، فلك، طب.. إلخ". ولكن للأسف لن يقرأ هذه الكتب. ولقد سلف أبناء جهلاء لم يعرفوا كيف يقرأون عنوانات كتبها آباؤهم، فأحدهم وهو من زبيد مدينة العلماء قرأ عنوان كتاب ألّفه أبوه على النحو الآتي: «التتن في القفة» أي أن التنباك محفوظ في الوعاء المتخذ من الخوص، أما عنوان الكتاب على الوجه الصحيح فهو: «التنبيه في الفقه». كما قرأ أحدهم مؤلف أبيه على النحو الآتي: «الفانوس المخيط» والفانوس مصباح معروف، مع أن العنوان على الوجه الصحيح هو: «القاموس المحيط». ولقد يستطيع باحث أن يجمع هذه النوادر في مجلدات ضخام. إن هناك نوادر تحكي عن المتعالمين الجهلاء، أو مدّعي المعرفة وهم لا يعرفون، ولما كان والدي رحمه الله يحذر هؤلاء الذين يستنزلون المطر عن طريق الكهنة والمشعوذين؛ ويزعمون أن بعض هؤلاء قد كتبوا موانع نزول الأمطار، قال له أحد هؤلاء المتعالمين: إن السّلمي الذي تذهب إليه ليفك هذه «الصّدح» يعني الموانع قد ذكره الله في كتابه الكريم إذ قال: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها» فلابد من الذهاب إليه لينزل المطر!!. لكي تقرأ لابد أن يوجد مزاج، ولابد أن توجد بيئة تشجع على القراءة، ولابد أن يشعر أحدنا أنه دون قراءة يصبح جداراً، حجراً، أي كلام. .. ولنا تتمة غداً.