تعتبر الطفولة أهم مرحلة من مراحل حياة الإنسان؛ لأنها الركيزة والأساس الذي يؤسس به لنجاح مشوار حياته وبناء مستقبله .. ولكي يضمن هذا النجاح يجب عليه أن يتخطى كثيراً من المخاطر التي تصادفه في مرحلة طفولته، وأن يكون محاطاً بالحب والرعاية والاهتمام والتربية السليمة من قبل الأهل والمدرسة والمجتمع. غير أن البعض يصر على انتهاك هذه الطفولة ببعض العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، الغريب أن مشايخنا الأفاضل بدلاً من أن يقفون مع التعديل القانوني للزواج الآمن نجدهم يكرسون الاضطهاد، ويصرون على زواج الطفلة القاصرة، ويحرمون الأنثى من أبسط حقوقها المدنية الطبيعية. إن فارق السن من أكبر السلبيات التي يقع فيها الشباب بسبب جهل الآباء، حيث إن فارق العمر إذا تجاوز أكثر من عشر سنوات على أبعد تقدير يكون من الصعب على الزوجين التفاهم والانسجام، فإذا كان الشاب يكبر الفتاة أو العكس فإن الحياة الزوجية لا يمكن أن تستقيم إلا ما ندر، فما بالكم إذا كانت الفتاة لا تزال قاصرةً وفي مرحلة الطفولة بينما الزوج كهلاً هل يمكن أن نسمي هذا زواجاً؟ لأن الزواج هو مشاركة بين طرفين ومن شروطه توافر التفاهم والانسجام، فعن أي انسجام وتفاهم نتحدث إذا كان أحد طرفي الزواج لا يزال طفلاً لا يعي حتى ما معنى الزواج، إلا إذا كان الهدف إشباع الرغبة الجنسية «الغريزة» التي تشترك فيها كافة المخلوقات (حيوانات ونباتات) والإنسان لم يشذ عن ذلك، فكان الإنسان في العصر الحجري يمارسها أينما شاء ووقتما شاء شأنه شأن باقي الحيوانات. في وقتنا الراهن لا يزال بعض مشايخنا يصرون على تقنين وشرعنة تلك الممارسات «الحجرية» ولكن تحت ستار «الزواج»، يفسرون للناس ما قاله النبي الكريم في حياته من أحاديث وأوامر ونواهٍ، كل حسب ما يراه وما يعجبه، يأخذون منه ما يعجبهم ويتركون ما لا يوافق رغباتهم وأهواءهم، فيستشهدون بزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) من عائشة (رضي الله عنها) وهي صغيرة، رغم أن مسألة سن السيدة عائشة (رضي الله عنها) ما يزال موضع جدل كبير، وليس هناك تأكيد على السن عينه الذي يستشهدون به بإصرار في محاولاتهم لإلغاء التعديل القانوني للزواج الآمن والوقوف ضده. التعديل القانوني للزواج الآمن هو من سيضمن لنا ألاّ تتكرر مأساة الطفلة «نجود علي» ذات العشرة أعوام التي أُجبرت على الزواج من رجل يكبرها بثلاث مرات تقريباً! و«نجود» هذه واحدة من كثيرات لا نعلم عنهن شيئاً ممن أُجبرن على ترك مقاعد الدراسة وتم تزويجهن لرجال يمارسون «ذكوريتهم» مع قاصرات في سن أطفالهم، ويُعتدى عليهن جنسيًّاً تحت مسمى «الزواج» بينما هو في حقيقة الأمر امتهان وسلب لكرامة الطفولة وهتك لحقوقها. من المؤسف أننا ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين لا يزال البعض بعقلياتهم العتيقة يصرون على جرنا وجذبنا إلى الماضي وإعادتنا إلى عصر الجواري وأسواق النخاسة، والمصيبة أن يكون من هؤلاء من هم أعضاء في مجلس النواب - أعلى هيئة في الدولة للتشريع وسن القوانين المنظمة للمجتمع-المفترض فيهم أن يكونوا صفوة المجتمع ونخبته، فاتقوا الله في أنفسكم وفي هذا الشعب الذي اختاركم كممثلين له في البرلمان. [email protected]