بدهي أن تظل الأقلام الشريفة الحرة تنبّه على مكامن الأخطاء التي لا تسلم منها مؤسسة أو جهة حكومية أو أهلية لها علاقة بالناس، والأخطاء إما أن تكون قد حصلت عن طريق العمد أو بفعل الغفلة. وأحسب أنه لا مكان للأخطاء في بلد عانى كثيراً من التخلف، وأي شيء آخر في هذا القاموس. فلقد أصبح المجتمع حساساً جداً بفعل الإعلام والوعي العام، والخطأ لم يعد يستهدف الأفراد وإنما يستهدف المجتمع كله. ومن ناحية أخرى؛ فإن هناك خلقاً من الأشرار يتسقطون مواقع الأخطاء، يقومون بتضخيمها وإضافة ما تيسر من الخيال ليبدو الأمر البسيط كما لو كان مصيبة عامة لن يستطيع المجتمع أن يتخلص منها. وأحاول أحياناً أن أتجنب قراءة بعض الصحف، صحف القيامة، التي لا أنتهي منها إلا وقد ظننت أن القيامة ستقوم غداً؛ وعلى أفضل الأحوال بعد غدٍ لما فيها من خيال أسود كئيب!!. أقول في هذا المقام إنه يمكن للدولة أن تساعد على أن يقع كثيرون في هذا التضخيم الذي هو نوع من الكذب والافتراء والإثارة الرخيصة. فلم يعد الإنسان بحاجة إلى أن يزيد ضغطه ويحترق دمه، ولم تعد المشافي ناقصة زحمة وضجيجاً واختناق مرور حين يريد المريض أن يصل إليها. أقول إن اختيار الأكفاء المحترمين في كل مرافق الدولة أمر أساس وضرورة ملحة، قطعاً للكذب واشتعال الأعصاب معاً. وأول ما ينبغي معالجته هو الوساطات السالبة، فنحن شعب كريم مازالت قيمة الحياء والمروءة محترمة ولها منزلة في ضمائرنا ونفوسنا؛ نستحي أن نرد توصية. ولكن في المقابل لابد أن نوازن بين هذه القيم وما يمليه الدين والضمير من تعاليم، فعلينا أن نحترس من تعيين أناس لا تتوافر فيهم الكفاءة ولا السلوك النزيه والأمانة الدينية والضمير الإنساني. إن وجود غير الأكفاء وغير المناسبين في أي مرفق حكومي يسبب كثيراً من المشكلات، ويستفز الشرفاء الذين تهبط عندهم الروح المعنوية من ناحية، ويستعدي الأشرار الذين من حقهم أن يطلبوا المماثلة والمساواة. فهل نعمل على أن نقطع دابر التضخيم حين نضع الأمور في مسارها الصحيح؟!.