نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ الوحدوي اليمني ماضٍ عريق ومستقبل مُشرق

من السهل على كل صاحب هوى أن يستدعي من التاريخ الأمثلة التي تعزز فكرته سواء كانت هذه الفكرة شيطانية أو إيمانية عقدية روحية، إلا أن وضع معايير محددة وشروط موضوعية لمدى إيجابية أو سلبية هذه الفكرة هو أساس المقارنة والمقاربة، لذلك فالوحدة لم تكن في يوم من الأيام أو في ثقافة أي شعب من الشعوب سلبية، بل إنها عنصر إيجابي تزيد من قوة وأهمية المتحدين وزيادة تأثيرهم في محيطهم.
لذلك كانت الدعوة إلى الوحدة والتلاحم بين المؤمنين فيقول (صلى الله عليه وسلم): (المؤمن للمؤمن كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه) وحركة التاريخ تحكي أن أي أمة لم تحقق مكانتها الحضارية إلا في ظل وحدتها ومع ذلك فإنه لنجاح أي وحدة يجب أن تتوافر فيها مقومات أساسية هي عوامل استقرارها ونجاحها (اللغة، الدين، الأرض المشتركة، التاريخ المشترك، المصير المشترك ) وهو ما يمثل أهم عناصر نجاح للوحدة اليمنية وديمومتها.
لم يجد دعاة التمزق وممتهنو المناطقية ما يبررون به أهدافهم الذاتية سوى التنكر لهويتهم اليمنية والتنكر لأصولهم والبحث عن مسمى جديد ينسبهم لمنطقه من الأرض كان الاحتلال البريطاني قد ابتكرها لتقسيم اليمن وإنكار حقائق التاريخ فينكرون أن اليمن كانت في الأصل دولة واحدة وأخذوا يزوُّرون التاريخ حسب مزاجهم وأهوائهم، ويصل بالأخ الدكتور عيدروس النقيب الذي تمنيت ألا يسقط هذا السقوط عندما أنكر أن المناطق الجنوبية وقعت تحت الاحتلال العثماني في رده على الدكتور ناصر محمد ناصر في صحيفة (الوسط) وهو ما يتناقض مع التاريخ حيث وقعت عدن تحت الاحتلال العثماني قبل أية منطقه يمنية في العام 1538م ثم واصلت سيطرتها على بقية المناطق اليمنية، وفي هذه الحيز سنستعرض جزءاً من تاريخ اليمن الوحدوي المشرق.
الوحدة اليمنية قبل الإسلام
بقراءة تاريخية للوحدة اليمنية قبل الإسلام نجد أن الأصل في النظام السياسي والاجتماعي هو الوحدة والتجزئة هي الاستثناء وخلال فترات التوحيد كانت اليمن تشهد ازدهاراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً متميزاً دولة (معين، سبأ، حمير) وفشلت كل محاولات احتلال اليمن خلال مراحل التوحد لما تتمتع به الدولة من قوة عسكرية واجتماعيه واقتصادية مكنتها من صد تلك المحاولات . وخلال فترات التجزئة والتشرذم والتي كانت خلال فترات تاريخية بسيطة بعمر الشعوب والأمم كانت تمر خلالها بعثرات ضعف وصراعات داخلية تنتهي إلى الوقوع تحت الاحتلال الأجنبي الاحتلال (الحبشي - الفارسي).. ويمكن إيضاح هذه الحقائق من الوقائع التاريخية التي نستعرضها فيما يلي :
تاريخياً عرفت اليمن قديما بأنها المنطقة الممتدة على طول المحيط الهندي ويحدها البحر الأحمر ومن الغرب الحجاز ومن الشمال وفيها التهائم والنجد وهي في عرف بعض الباحثين إنما تقع من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن وأبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود واليمن في رأي القلقشندي (قطعه من جزيرة العرب يحدها من الغرب بحر القلزم ومن الجنوب العربي شبه جزيرة العرب ولكنه يشمل كل دويلات جنوب شبه الجزيرة العربية) (سبأ، حمير، أوسان، حضرموت، عمان، معين) مرت اليمن بفترات تاريخية قبل الإسلام بين توحد وهي السمة الغالبة على كل المراحل التاريخية وشهدت خلالها اليمن تقدما وازدهارا في كل المجالات الزراعية والاقتصادية والصناعية بالقياس على وضع العالم آنذاك وبين تمزق كان نتاجاً لعوامل ضعف الدول المركزية أو احتلال أجنبي وكانت فترات التمزق والتشرذم فترات ضعف وركود في مناحي الحياة، وهذا ما تؤكده الشواهد والآثار التاريخية، فالحضارة اليمنية لم تحقق مجداً وتقدماً إلا في ظل الوحدة وحتى لا نبتعد كثيراً ونوغل في التاريخ يمكن اعتبار دولة معين أول دولة نستطيع أن نلمح فيها بعض ملامح الدولة وسط ضباب التاريخ القديم.. فمنذ ظهور دولة (معين) في (1300 ق . م) في منطقة الجوف وهي منطقة تقع في جوار شبوة وحضرموت (وعاصمتها قرناو) وهي منطقة قريبة من مراكز الدول التي ظهرت في اليمن لاحقا .
خلال الدولة المعينية كانت اليمن موحدة ويخضع لسلطة الدولة المعينية الأقيال والمناطق قاطبة وازدهرت الصناعة والتجارة وتم بناء المدن اليمنية حيث ظهرت مدن عدة (قرناو، براقش، نشق، نشات ) وعندما أصاب دولة معين الوهن والضعف ظهرت دويلات عديدة (حضرموت، قتبان، أوسان) حتى استطاعت دولة سبأ إعادة توحيد اليمن وإخضاع الدويلات التي ظهرت في نهاية عصر دولة معين لسيطرتها، وخلال فترات حكم دولة سبأ لليمن الموحد شهدت اليمن أزهى عصور التطور والقوة جاء ذكرها في القرآن الكريم (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) وجاء في هذه المرحلة التاريخية ذكر قصة بلقيس ونبي الله سليمان والتي تحكي عظمة التاريخ اليمني في ظل وحدته السياسية فجاء في القرآن الكريم (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) وقولة تعالى (قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون، قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين).
عظمة هذا التاريخ تأتي لتضع حقائق تاريخية فاليمن كانت في أزهى مراحل القوة، فاليمنيون ذو قوة وبأس شديد وهو ما يوضحه رد بلقيس عليها وإخبار الهدهد لنبي الله سليمان عن عظمة عرش بلقيس بالإضافة إلى الشورى في الأمر بين الحاكم وقومه ومكانة المرأة اليمنية في تلك الحقبة التاريخية وهو ما لم يكن له أن يتحقق إذا لم تكن اليمن موحدة.
في (115 ق . م ) استطاع الحميريون القضاء على دولة سبأ بعد أن أصابها الوهن والضعف والتنازع بين الأذواء وإعادة توحيد اليمن تحت حكم الحميريين حتى (525)م وخلال فترات حكم الحميريين شهدت اليمن ازدهاراً في شتى مناحي الحياة وبسبب قوة الدولة ووحدتها لم يستطع الرومان في (24ق . م) احتلال اليمن إلا أن عودة اليمن والدولة الحميرية إلى التشرذم شجعت الأحباش على احتلال اليمن حتى استطاع سيف بن ذي يزن بعد توحيد الجبهة الداخلية والاستعانة بالفرس لطرد الأحباش ودخول اليمن واليمنيين في دين الله .
من التاريخ القديم لليمن نستنتج:
أن تاريخ اليمن القديم كان الأصل في النظام السياسي والاجتماعي هو الوحدة الذاتية القائمة على أساس الهوية الواحدة، فاليمنيون يدينون بدين واحد في مراحل تاريخهم القديم والحديث باستثناء حالات نادرة كديانة أهل نجران بالمسيحية مع نهاية الدولة الحميرية، واليمنيون يستوطنون أرضاً واحدة ويمتلكون تاريخا واحدا يمتد لأكثر من خمسة آلاف عام أما التجزئة والتشرذم فكانت نتائج ضعف الدولة المركزية أو احتلال أجنبي (الأحباش - الفرس ) . الوحدة اليمنية في التاريخ القديم كانت عنصر قوة وازدهار فشهدت اليمن تفوقا حضارياً أشاد به التاريخ وجاء ذكره في القرآن الكريم في سورتي ( سبأ والنمل) فقد ازدهرت الزراعة والصناعة الحرفية والتجارة وأقام اليمنيون علاقات مع شرق آسيا وأفريقيا وشمال الجزيرة العربية واليونان والرومان لسيطرتهم على طرق التجارة وأقام اليمنيون في ظل توحدهم السدود للري والمدرجات الزراعية وسياسياً شهدت اليمن أول نظام ديمقراطي في عهد الملكة بلقيس التي ذكرها القرآن الكريم.
الوحدة اليمنية بعد ظهور الإسلام
عند ظهور الإسلام كان اليمن يمر بوضع سياسي يغلب عليه التمزق والشتات ويقع تحت الاحتلال الفارسي فكان الفرس ممثلاً ب (باذان) يبسطون نفوذهم على صنعاء وعدن وما بينهما وحولهما وبقية المناطق كانت تعيش في حالة من الصراع والتمزق بين القوى القبلية وكان نصارى نجران يستمدون قوتهم من دعم دولة الروم باعتبارهم يمثلون الديانة المسيحية في اليمن، فجاء الإسلام ليخرج اليمن وأهله من حالة التمزق فدخل اليمنيون في الإسلام ولم يأت العام العاشر الهجري إلا وقد أصبحت اليمن ولاية أسلامية وبها توحدت اليمن دينياً وإدارياً وزالت عنها مظاهر الجاهلية وحالات الصراع والحروب الداخلية وأصبحت اليمن جزءاً من الدولة الإسلامية ويمكن استعراض المراحل التاريخية الوحدوية اليمنية في ظل الدولة الإسلامية.
وحدة اليمن في عهد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ):
بعد حجة الوداع بدأ ( صلى الله عليه وسلم) بخطوة تنظيمية إدارية بعد توسع الدولة الإسلامية ووضع اللمسات الأخيرة لتنظيم الدولة إدارياً ومالياً من وسائل التنظيم الإداري بتعيين إداريين للإشراف على مناطق كبيرة تسمى مخلافاً أو إقليماً وينقسم المخلاف إلى عدة وحدات إدارية صغيرة فقسمت اليمن إلى خمسة مخاليف كبيرة تضم مخاليف أصغر حجماً وعين أميراً على المخاليف يشرف على المخاليف اليمنية :
مخلاف الجند وعين عليه معاذ بن جبل بالإضافة إلى تعيينه أميراً عاماً يشرف على المخاليف اليمنية متنقلاً من الجند وإلى المخاليف الأخرى.
مخلاف صنعاء وعليه شهر بن باذان بعد وفاة والده.
مخلاف تهامة وعليه الطاهر بن أبي هاله.
مخلاف مأرب وعليه أبو موسى الأشعري.
مخلاف حضرموت وعليه زياد بن لبيد البياضي الأنصاري وله الإشراف على جميع قبائل حضرموت وكندة والمهرة. وبذلك توحدت اليمن توحيداًَ إدارياً وجغرافياًَ ودينياً تحت قيادة واحدة إدارية وسياسية ووحدة الفكر والوجدان في التصور والاعتقاد والولاء والممارسات السلوكية المختلفة وانتهت الصراعات القلبية وذابت كل الولاءات لتلتقي في ولاء واحد هو الولاء لله والإسلام.
وحدة اليمن في عهد الخلفاء الراشدين:
لم يختلف التنظيم لليمن في عهد الخلفاء منذ تولي أبي بكر الصديق الخلافة عن التنظيم الذي وضع أسسه رسول الله (صلى الله عليه وسلم )كثيراً إلا أن الاضطرابات التي حدثت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وحروب الردة والتي كان اليمن من ضمن البلدان التي حدثت فيها تلك الاضطرابات فاستأذن ولاة الأقاليم اليمنية الذين عينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعودة فأذن لهم الخليفة بعد أن استخلفوا من يرضونه بدلاً عنهم وبعد القضاء على الردة بقيادة المهاجر بن أبي أمية في اليمن استقر المهاجر في صنعاء وتم تقسيم اليمن إلى ثلاثة مخاليف مع الإشراف العام على المخاليف للمهاجر في صنعاء وتمثلت بالتالي: مخلاف الجند وعليه عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي. مخلاف حضرموت وعليه زياد بن لبيد البياضي. مخلاف صنعاء وعليه المهاجر بن أبي أمية مع الإشراف العام على الولاة في اليمن. وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) منحت صلاحيات واسعة للوالي المشرف على المخاليف وهو ما عد تنظيماً إدارياً جديداً بحيث تعد جميع المناطق الواسعة تحت والٍ واحد، مسئول الخليفة، وتولى ولاية اليمن يعلي بن أمية وهناك من الأحداث والشواهد ما تؤكد على ترابط المناطق اليمنية في وحدة ذاتية اجتماعية واقتصادية وثقافية وفق معطيات تلك الفترة التاريخية وبعد الفتنة التي حدثت عقب مقتل عثمان بن عفان (رضي الله عنه) انضم يعلي بن أمية إلى طلحة وعائشة والزبير في مطالبتهم بقتلة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ثم انضم يعلي بعد موقعة الجمل إلى معسكر علي وعندما تولى الخلافة على بن أبي طالب ( رضي الله عنه) أسند ولاية اليمن لشخص آخر هو عبدالله بن العباس. من هذه المرحلة التاريخية التي اتسمت بوحدة الوجدان والفكر والعقيدة يلاحظ أنه لم يحدث أن تمرد اليمنيون على الولاة لأنهم ليسوا من اليمن أو ليسوا من مناطقهم فكان معظم الولاة إن لم يكن جميعهم من خارج اليمن وهو ما يعزز دور الجانب العقائدي والفكري والثقافي في ترسيخ الوحدة كقيمة دينية أيضاًَ رغم الخلافات التي عصفت بالخلافة الراشدة لم يحدث أي انقسام في الموقف في اليمن لأسباب مناطقية أو جهوية وجميع المناطق خضعت لموقف والي اليمن من الأحداث.
وحدة اليمن في عهد الدولة الأموية:
إدارياً ظل اليمن أثناء تبعيته لمركز الدولة الأموية (دمشق) مكوناً من ثلاثة مخاليف رئيسية هي صنعاء وحضرموت والجند وتتفرع عنها مخاليف صغيرة وبسبب المتغيرات التي شهدتها الخلافة في مركزها (دمشق) انعكس ذلك على سياستها تجاه الأقاليم بمختلف الجوانب، لذلك فإن سياسة الدولة الأموية لم تكن على وتيرة واحدة تجاه اليمن فقد تميزت فترة الدولة الأموية بأن تعيين الولاة لم يكن على أساس شروط مؤهلة كالقدرة والكفاءة بل كان تعيينهم لاعتبارات أسرية وقبلية والولاء والطاعة والإخلاص لشخص الخليفة فكان معظم الولاة في اليمن من قبيلة ثقيف ومن أقارب الحجاج بن يوسف، الذي مُنح ولاية إقليم الحجاز واليمن من قبل عبدالملك بن مروان مكافأة له على إخلاصه في قمع الثورات وتثبيت أركان الدولة بالإضافة لتعيين الولاة بالضمان كتعيين بحير بن ريشان الحميري من قبل يزيد بن معاوية بالضمان وقد تباينت سيرة الولاة في اليمن من حيث الظلم والبطش والعدل فقد نُقل عن محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج جمعه للحطب لإحراق المجذومين بصنعاء. في هذه المرحلة التاريخية شهدت اليمن لأول مرة دمجها مع الحجاز في ولاية واحدة حينما ولى عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف على الحجاز واليمن بعد أن قضى على خلافة ابن الزبير في مكة، فعين الحجاج بدوره ثلاثة ولاة على اليمن لأقاليمها الثلاثة الرئيسة وصار الإشراف المباشر عليها في يديه دون الخليفة. وطوال فترة حكم الأمويين لم تشهد اليمن حالات الانقسام فحافظت على وحدتها الداخلية في إطار الدولة الإسلامية المركزية في دمشق كما أن الولاة الذين تم تعيينهم كانوا من خارج اليمن باستثناء بسيط يخص الولاة على الأقاليم.
الوحدة اليمنية في ظل الدولة العباسية
قسم المؤرخون تاريخ الدولة العباسية إلى مرحلتين الدولة العباسية الأولى والدولة العباسية الثانية وخلال الدولتين لم تتغير سياسة الدولة العباسية في التعامل مع الولايات ومنها اليمن، فالتنظيم الإداري لم يختلف فكانت اليمن ثلاثة مخاليف هي (الجند، صنعاء، حضرموت ) وتعيين الولاة قائم على أساس الإخلاص والطاعة للخليفة وتميز بتعيين الولاة على أساس المكافآت حيث تم تولية داوود بن علي العباس على الحجاز واليمن من قبل أبي العباس السفاح مكافأة له على جهده في الثورة العباسية إلا أن داوود بن علي عين نواباً عنه على اليمن وتميزت فترة حكم العباسيين على اليمن بظلم وجبروت الولاة وسوء السيرة ومنهم محمد بن عبدالله بن زيد الحارثي الذي أحدث قبائح في صنعاء وعدن ومعن بن زائدة الشيباني الذي تميزت فترته بالقتل والتنكيل حيث يُنقل عنه أنه قتل ما لا يقل عن (15) خمسة عشر ألفاً من الخوارج الذين ظهروا في حضرموت إلى آخره من جور وظلم الولاة كما أنه في ذات الوقت تنقل لنا كتب التاريخ سيرة حسنة لبعض الولاة في اليمن ممن عرفوا بالعدل والرفق بالرعية وكانت لهم مآثر عمرانية وخدمية وخيرية مثل محمد بن برمك ومحمد بن عبدالله بن مالك الخزاعي إلى أن الفظائع طغت على محاسن بعض الولاة وهو ما أدى إلى ظهور قوى محلية سواء كانت ذات اتجاه قبلي أو اتجاه مذهبي فشكلت لنفسها كيانات مستقلة سياسياً داخل اليمن وهو ما يعد المرحلة الثانية للدولة العباسية إلا أن السمة الغالبة على هذه الدول المستقلة أنها كانت ( الدول المستقلة ) وأمراؤها يحصلون على تقليد شرعي بولايتهم على سائر بلاد اليمن من الخليفة العباسي في بغداد والملاحظ أنه خلال حكم الدولة العباسية الأولى والثانية لم تتجزأ اليمن أو تتقسم إدارياً وسياسياً.
الوحدة اليمنية في ظل الدويلات المستقلة عن الدولة الإسلامية
أدى توسع الدولة العباسية وصعوبة المواصلات فيها إلى تشجيع الولاة في الولايات الإسلامية على الاستقلال الذاتي وكانت اليمن واحدة من الولايات التي سادتها تنازعات أدت إلى محاولات الاستقلال، فكثير من القوى المستقلة كانت عبارة عن إمارات أو سلطنات بالمفهوم التاريخي اليمني وإن كان يطلق على زعمائها ملوك أو سلاطين أو أمراء فهم في واقع الحال عبارة عن زعماء ومشائخ لقبائلهم كما أن اتجاهات هذه الدول والقوى من حيث الدوافع والخلفية والفكرية ومن حيث ولائها فمنها من كان يطمح إلى الانفصال عن الخلافة لتحقيق طموح الزعامة ومنها من قامت بدافع الانتقام ومنها من قامت على أسس فكرية ومذهبية لذلك تنوعت الولاءات والعلاقات الداخلية والخارجية لكل قوة أو دولة، بعض هذه الدول تمكنت من بسط نفوذها على مختلف مناطق اليمن وأخضعت لنفوذها بقية القوى المتواجدة على الساحة اليمنية وشهدت اليمن في ظل الدول المركزية الموحدة والقوية ازدهاراً في المجالات التجارية والزراعية والفكرية والعمرانية بمعيار تلك الفترة التاريخية.. ويمكن استعراض الدول التي شهدتها اليمن خلال ضعف الدولة العباسية.
دولة بني زياد ( 820 - 1022 ) م
أسسها محمد بن عبدالله بن زياد بعد أن ولاه الخليفة المأمون على تهامة فأسس مدينة زبيد واتخذها عاصمة لإمارته ثم واصل حربه ضد الخارجين عن الدولة العباسية فتوحدت اليمن تحت ولايته ومد نفوذه إلى حضرموت والشحر وعدن وصنعاء ثم أعلن استقلاله عن الدولة العباسية وبعد وفاة مؤسسها في 245ه ضعفت الدولة وانحسرت في تهامة لتظهر الدولة اليعفرية.
الوحدة اليمنية في عهد الدولة اليعفرية ( 232 - 387ه)
الدولة اليعفرية من الدويلات اليمنية ذات الاتجاه القبلي التي قامت في اليمن وانسلخت عن الدولة العباسية ومرت هذه الدولة في مسيرتها التاريخية بأطوار عدة، إذ تقلبت بين القوة والضعف وبين الولاء للدولة العباسية والانشقاق عنها وبين حكم اليمن كاملاً موحداً وبين التقاسم مع آخرين، ويعد محمد بن يعفر ( 246 - 283ه ) وأسعد بن أبي يعفر وإبراهيم بن محمد (332ه) أفضل من تولى الحكم حيث استطاع كل منهما الحصول على تقليد شرعي من الخلافة العباسية بولايته على سائر بلاد اليمن نيابة عن الخليفة فأرسل الأول عماله على الأقاليم اليمنية المختلفة من نجران شمالاً حتى حضرموت شرقاً بينما استطاع الآخر مواجهة الخطر الذي شكله المذهب الإسماعيلي بقيادة علي بن الفضل والاستيلاء على عاصمته مذيخرة لتستقر الأوضاع على عهده.
الوحدة اليمنية في عهد الدولة الصليحية ( 439 - 532ه )
قبل أن يستطيع علي بن محمد الصليحي تأسيس دولته كانت اليمن مقسمة بين دويلات مذهبية أو قبلية ( الزيدية في صعدة، بني نجاح في زبيد ) وتعد الدولة الصليحية من الدول المذهبية التي كانت تتبع المذهب الإسماعيلي واتخذ من صنعاء عاصمة لدولته واستبدل الدعاء للخليفة العباسي إلى الدعاء للخليفة الفاطمي في مصر واستطاع القضاء على دولة بني نجاح والدولة الزيدية في صعدة في (455ه) واتجه جنوباً فخضعت له لحج وعدن وأبين وأحور وحضرموت والشحر وبعد وفاة علي الصليحي تولى الحكم ابنه أحمد الذي توفي في 477ه فتولت السيدة أروى بنت أحمد الصليحي الحكم وجعلت من جبلة عاصمة لها حتى نهاية الدولة عام 532ه وخلال حكم الدولة الصليحية ازدهرت اليمن وشيدت القصور والسواقي للمياه وخصصت أموالاً للبيت العتيق وقامت بكساء الكعبة بالديباج الأبيض ومع نهاية الدولة الصليحية تجزأت اليمن من جديد بين بني زريع في جنوب اليمن ووسطه والحاتميين في صنعاء والزيدية في صعدة والمهدية في تهامة.
الوحدة اليمنية في ظل دولة بني أيوب ( 569 - 626ه )
استأذن صلاح الدين الأيوبي من الخليفة العباسي بالتوجه لليمن وإعادتها إلى حظيرة الدولة العباسية فأذن له فأسند المهمة إلى أخيه الأكبر شمس الدولة ( توران شاه ) فخرج على رأس حملة عسكرية في ( 569ه) فاستطاع إسقاط تهامة ( دولة بني مهدي) وبعدها تعز والجند ودخل عدن التي كان يحكمها بنو زريع في 20 ذي القعدة ( 569ه ) وجبلة وصنعاء ولم يستكمل سيطرته على اليمن فأرسل صلاح الدين الأيوبي أخاه سيف الإسلام طغتكين 579ه على رأس حملة جديدة استطاعت توحيد اليمن من حضرموت إلى صعدة ثم حدثت الاضطرابات الداخلية وقامت عدد من التمردات منها الدولة الزيدية فأرسل بنو أيوب حملة جديدة إلى اليمن بقيادة المسعود بن الكامل واستطاع استعادة نفوذ الدولة الأيوبية وتوحيد اليمن حتى وفاته وظهور الدولة الرسولية في اليمن.
الوحدة اليمنية في عهد الدولة الرسولية ( 626 - 858ه )
بعد وفاة الملك المسعود الأيوبي ( 626ه ) آخر سلاطين بني أيوب في اليمن كان نور الدين عمر بن علي بن رسول (627ه ) نائباً لبني أيوب في اليمن فطمع باستقلال اليمن عن الدولة الأيوبية مستغلاً حالة الضعف التي كانت تمر بها الدولة الأيوبية في مصر واستطاع إخضاع جميع المناطق اليمنية لدولته ودخل الأئمة الزيديون في طاعته واتخذ من مدينة تعز عاصمة لدولته وطلب تقليداً أو تشريفاً بالسلطة والنيابة من الخليفة المستنصر بن الظاهر العباسي ببغداد فوصله التقليد ويعتبر حكم الدولة الرسولية في اليمن عن أزهى عهود التاريخ التي مر بها اليمن في العصر الإسلامي فشهدت اليمن منجزات حضارية كثيرة في جميع المجالات العلمي والعمراني وشهدت اليمن وحدة لأراضيها في ظل حكم ملوك أقوياء امتدت سيطرتهم إلى مشارف مكة وظفار شرق حضرموت ثم ما لبثت هذه الدولة أن تراجعت بجملة من التداعيات فخرجت عن نفوذها المناطق الجبلية بقيادة أئمة الزيدية ليظل نفوذ الدولة الرسولية في المناطق الجنوبية والوسطى.
الوحدة اليمنية في عهد الدولة الطاهرية ( 858 - 932ه)
كان بنو طاهر ولاة على عدن أثناء حكم الدولة الرسولية وحين ضعفت الدولة الرسولية كان علي بن طاهر وأخوه عامر بن طاهر قد قوي نفوذهما في عدن وما حولها فتمكن عامر بن طاهر دخول زبيد وتهامة واستطاعا بعد ذلك بسط نفوذهما على جميع مناطق اليمن واتخذا مدينة المقرانة عاصمة لدولتهم وقد واجه بنو طاهر مقاومة من الأئمة الزيدية في صنعاء فقامت معارك حامية بين الطرفين انتهت إلى بسط نفوذهم على كافة مناطق اليمن وقد خلفت الدولة الطاهرية آثاراً عظيمة رغم الصعوبات التي واجهت دولتهم فأسسوا المدارس والمساجد وأسسوا مدينة المقرانة في رداع وفي نهاية الدولة الطاهرية دخلت في صراعات مع المماليك الذين حاولوا بقيادة ( قانصوه الغوري) الاستيلاء على اليمن وصراع مع البرتغاليين على سواحل اليمن حتى سقطت عدن في 1538م في أيدي العثمانيين ولم تستطع الدولة الطاهرية الصمود أمام قوة النيران التي تمتلكها القوات العثمانية فوقعت اليمن في أيدي العثمانيين.
إذن يمكن قراءة هذه الفترة التاريخية أنها كانت محتدمة بين الوحدة بصورتها العامة ومعها تتحقق لليمن الازدهار والاستقرار وبين تفتيت وهو في مراحل بسيطة وكانت اليمن تدخل في خلافات ونزاعات تؤدي إلى التقاتل بين اليمنيين وتتدهور الأوضاع في اليمن.
الاستنتاجات في ضوء التاريخ الإسلامي:
1. بعد ظهور الإسلام أصبحت اليمن ومصر والشام جزءاً من الدولة الإسلامية وبالتالي توافرت عوامل الهوية الواحدة ( الدين، اللغة، الأرض المشتركة «جغرافياً » الوطن العربي، التاريخ الإسلامي المشترك) مع وجود حركات انفصالية واليمن (موحدة) عن الدولة الإسلامية ومركزها تخضع في ظهورها لحالة الضعف التي تمر به الدولة الإسلامية وتبعاً لذلك فقد كانت الوحدة الإسلامية العروبية عامل قوة وازدهار في شتى مجالات الحياة فتقدم العرب في (العلوم الطبية والطبيعية والرياضيات والفلك..... الخ) وساد العرب العالم، ومن النهضة العربية الإسلامية انطلقت الحضارة الأوربية الحديثة بينما أكدت التجزئة والفرقة أنها كانت عوامل ضعف وهدم فعندما ضعفت الدولة العباسية وتفتت الدولة الإسلامية ضعفت الحضارة العربية ولم تستطع أي دولة منفردة أن تنهض أو تتقدم فالتاريخ الإسلامي يعطينا العبرة والعظة في أن الوحدة قوة وعزة وكرامة والتجزئة والتشرذم ضعف وهوان.
2. مر التاريخ الإسلامي بفترات كانت الدولة ظالمة (الحجاج بن يوسف الثقفي ...الخ) وفترات عدل ( عمر بن عبد العزيز ) وفي كلتا الفترتين توسعت الدولة وقويت شوكتها شرقاً وغرباً لذلك فظلم الدولة أو الحاكم ليس مبرراً للدعوة للتفتت أو التشرذم بل إن وحدة المسلمين هي المدخل الأساسي لإزالة الظلم.
3. تاريخ اليمن الإسلامي يقول: إن اليمن كانت جزءاً من الدولة الإسلامية وعندما كانت تنفصل كانت تظل موحدة تحت قيادة قادة محليين باستثناء فترات بسيطة لا تؤثر على حركة التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.